عن اليرموك وزيتونها ونخيلها وتحولات القيادة فيها

mainThumb

01-01-2021 10:30 PM

لطالما كانت الأشجار والورود والأزهار رديفا لليرموك ولشوارعها وممراتها, ولطالما كانت  جزءا من حرمها الجامعي، كما كان شجر الجامعة وخضارها جزءا من السياسات وصناعة القرار فيها بل إن أكثر من رئيس لليرموك كان النبات والشجر والزراعة موضوعا لاختصاصه ولشهاداته العلمية. في التعامل مع الشجر والنخيل والزيتون وحيث كان تشجير الجامعة جزءا من صناعة القرار فيها، استحضر ثلاثة مواقف من اليرموك نفسها:
 
المشهد الأول جرى في مطلع هذه الألفية. فبالنظر لما للمكتبة والكتب والمعلومات من أهمية في عالم اليوم، فقد كان القرار الكبير لمعالي الدكتور فايز الخصاونة رئيس الجامعة حينها بالشروع في بناء عملاق لمكتبة حديثة داخل الحرم الجامعي، ولان اليرموك أقيمت في الأصل على أرض هي بساتين ومشاتل للزيتون، فقد كان مشروع المكتبة، وإن كان يجسد أعلى درجات النبالة والوطنية ما يبرر قطع أشجار الزيتون والتضحية بها، إلا أن الوطنية الممزوجة بالعقل الخلاق من قبل رئيس الجامعة وإدارتها حينها فقد تمكنت اليرموك من إقامة هذا الصرح العلمي والوطني دون التضحية بشجرة واحدة ولو صغيرة من أشجار اليرموك. وعليه، فقد استطاعت اليرموك أن تنقل كل أشجار الزيتون المعمرة من مكانها ليتم زراعتها داخل الحرم الجامعي، وهكذا بنت اليرموك مكتبتها وحافظت في الآن عينه على شجرها وزيتونها. 
المشهد الثاني جرى قبل سنوات قليلة حين اقتضت  أعمال الحفريات الأثرية في بلدة ام قيس إزالة بعض أشجار الزيتون المعمرة. مرة أخرى، تقول الوقائع انه حين يتوافر العقل العلمي والضمير الأكاديمي والوطني، فانه لا مكان للخسارة، حتى لخسارة شجرة صغيرة. في تلك الفترة كان قرار رئيس الجامعة حينها الدكتور عبدالله الموسى بنقل أشجار الزيتون من بلدة أم قيس ليتم زراعتها أمام مبنى رئاسة الجامعة ولتحتضنها الجامعة بترابها ومياهها ورعاية قسم الخدمات فيها.  ذات يوم كانت اليرموك مأوى ليس لأشجارها فقط، بل كانت مأوى لأشجار الشمال كلها. 
 
المشهد الثالث هو  مشهد المجزرة الذي يتحدث عنه مجتمع جامعة اليرموك منذ أيام بل صار حديث كثير من الأردنيين شمالا وجنوبا. لن أطيل كثيرا في وصف بشاعة المجزرة التي حدثت، فالكاميرات توثق بشكل كبير لبشاعة ما جرى في الحرم الجامعي من جرائم ضد الجامعة وضد مدينة اربد وضد البيئة.
 
أحد الدروس التي استخلصها من تعاطي جامعة اليرموك مع أشجارها هو غياب التقاليد والأعراف المؤسسية. من أراد التأسيس لمشروع الطاقة الشمسية في الجامعة، ووجد نفسه بين إقامة المشروع أو التضحية بأشجار الجامعة، كان يمكنه أن يعود لتلك الحادثتين اللتين مارستهما "مؤسسة اليرموك" في الماضي حين واجهت معضلات مشابهة. وليرى كيف كان بإمكان المؤسسة أن تجترح الحلول العلمية الخلاقة كي تخرج الجامعة من مشاريعها بكل الأرباح مع صفر خسائر.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد