الدولة العميقة في أمريكا .. مسار ايجابي جديد في العلاقات مع الاردن

mainThumb

13-01-2021 09:45 PM

جاء قرارالرئيس الامريكي الديمقراطي المنتخب جو بايدن بتسميه  الدبلوماسي الدكتور وليم بيرنز  مديرال  لCIA"  " تنفيذا لرغبة "الدولة العميقة" في الولايات المتحده الامريكيه،  التي نجحت ، عبر اكثر من ثلاثة الآف هيئة وكيان ، يهيمن عليها مباشرة  17 جهاز استخباري ، باسقاط الرئيس الجمهوري دونالد  ترامب، قبل ان  يستولي نهجه اليميني المتطرف، على  كل مفاصل  الحكم في امريكا ،ويقودها  والعالم الى المجهول .

 
 ذلك ان الولايات المتحده الامريكية ، تأسست، ونمت ،وتعاظمت، محليا ودوليا ،على تبني التعددية ، في نظامها  السياسي والاجتماعي ، فاصبحت وطنا لكل القوميات والأديان والأجناس والأعراق والطوائف والمذاهب ،  وهذا سر عظمتها وتفوقها ، الذي أهلها لقيادة العالم ، حسبما خطط تماما ،المؤسسون الأوائل للدولة الامريكية . 
 
لذا فان اي تغيير  في هذا النهج ، سيلحق اضرارا جسيمة، ليس بامريكا وحدها، بل بالعالم كله، الذي تروم  الدولة الامريكيه  العميقة ، بناء علاقات  مع جميع دوله ، تقوم على  التشاركية ، والمنافع  المتبادلة .   
 
 ومن تابع  ماجرى في امريكا خلال فترة ر ئاسة  ترامب ، يدرك  تماما قدرات الدولة  الامريكية العميقه – ذات  الامتدادات المتشابكة  محليا ودوليا - والتي تحركت  بقوة، وبنسق منظم ، لاسقاط نهج  سياسي  متطرف، يدعمه  اكثر من سبعين مليون مواطن امريكي، تمكن  الرئيس المتهية ولايته ، من  دغدغة مشاعرهم واستقطابهم  لدعم سياساته اليمينية، المدمرة ،  مضحيا بمكانة امريكا واصدقائها ،وبالمباديء التي  قامت عليها ،وبمصالح  شعوب العالم  قاطبة .
 
ونجحت الدولة العميقة ولكن بصعوبة ،في اعادة تحريك  البوصلة الامريكية لمسارها الصحيح، ،وتثبيت مسارها  لما فيه  مصلحة امريكا والعالم ، فاصبح بمقدورالامريكيين ، كما قال الرئيس بايدن "ان ينعموا  بنوم هاديء مريح " بتسميته  وليام بيرنز مديرا للمخابرات الامريكيه ، مما يؤشر على  مدى اهمية  اسقاط نهج ترامب لكل الامريكيين .
 
ومثلما اصبح بامكان الامريكيين  ان" ينعموا بنوم هاديء" ،فان شعوب العالم كله ، اصبح بامكانها  ذلك  ، بعد ان تحرروا من عقدة  اليمين  الامريكي  المتطرف  ، اذ ان مايحدث في  امريكا - يؤثر شئنا ام ابينا، سلبا اوايجابا -  ، على البشرية قاطية ، سياسيا واقتصاديا وعسكريا وامنيا واجتماعيا .
 
ذلك ان  الادارة الديمقراطية الامريكية المنتخبة  ممثله برئيسها ومدير ال " CIA "  حريصة حسب تصريحاتهما، على ان تبقى امريكا قائدة   للعالم  ، ولكن ليس من خلال سياسات الهيمنة والتهديد، والاحتلال ، والبطش ، بل  من خلال تشاركية حقيقية سياسية  واقتصادية واجتماعية  وامنية وعسكرية، تنطلق مما يجمع  امريكا مع هذه  الدول وشعوبها والعالم ، من  قضايا مشتركة ،  والتي تنعكس اثارها ايجابيا على مستوى حياة الشعوب واقتصادياتها . 
 
   كما  ستعمل الادارة الامريكية المنتخبة حسب تصريحات الرئيس بايدن و مدير ا ل " CIA" على   " مهننة " الدور  الاستخباري  الامريكي وعدم تسييسه  ،محليا ودوليا ، وان يكون للمخابرات  الامريكية  ، دور استشاري فقط  في سياسات واشنطن  في امريكا والعالم . وبذلك فان  العديد من دول العالم  ، لن تكون عرضة لعمليات  استخبارية "  سوداء " تطالها سرا .
 
 وتاكيدا على التوجهات  الديمقراطية،  والتشاركية، للادارة  الجديدة  ، فقد وعد المدير المرشح  للمخابرات الامريكية ، بان تكون مساعدات بلاده للدول النامية،وسيلة لنشر الديمقراطية ،والحرية ، وتوفير حياة افضل ، لشعوب الدول التي تتلقاها، وليس الهيمنة عليها ، مؤكدا  ان  هذه  المساعدات  ، ستكون  اداة  لخدمة السياسة الخارجية الامريكية  القائمة على التعاون  المشترك ، والمصالح  المتبادلة ، وتحقيق الحرية للشعوب .
 
هذا هو نهج  بايدن – بيرنز، وهو نفسه نهج  الدولة  الامريكية العميقة ،  والنظام العالمي الجديد ،  الذي تزمع هذه الادارة السير عليه ، وهو نفس النهج الذي خطط  لها  المؤسسون الاوائل  والمغايرلماخطط له  اليمن الامريكي  الذي انتهت ولايته . 
 
اردنيا  فان  الدولة  العميقة في الولايات المتحدة الامريكية، كانت وستبقى مع  المملكة، رافعة  اساسية  للاردن ، وذلك رغم الاختلافات  في الادارات  الحاكمة في البيت الابيض - جمهورية او ديمقراطية – مما  جعل العلاقات  بين الدولتين ، استراتيجية ، تقوم  على الفهم  المتبادل بينهما ، مرتكزة على التشاركية والمصالح  المتبادلة ، وحرص واشنطن  على عدم فرض اي قرار ، او توجه  سياسي  ،على الاردن  مطلقا ، ذلك ان  ارادة  الاردنيين لايمكن  التلاعب بها  حسب مصدر كبير  في الدولة الامريكيه العميقة.
 
وفي الوقت الذي كان فيه  اليمين  الامريكي بقيادة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب  ، يعمل على  بناء نظام عالمي دولي جديد ،  ركيزته  الهيمنة والاستغلال ،واستنزاف خيرات الشعوب، ونهب مقدراتها  ،واموالها ،والاعتداء  على سيادتها الوطنية ، كان جلالة الملك عبد الله الثاني  اول من دعا  لبناء نظام عالمي بديل، تشاركي ،يقوم  على اساس المصالح والمنافع المشتركه لكل شعوب الارض  .
 
وتتوافق الرؤي الملكيه الاردنيه  للنظام العالمي الجديد مع رؤيا الادارة  الامريكيه الجديده تماما التي  عبر عنها الرئيس  الامريكي المنتخب والمدير العام لوكالة الاستخبارات  الامريكية  والتي تقوم على  التعاون  المشترك  في قضايا  مشتركه  تهم  الجميع وتنعكس ايجابيا على الجميع .
 
كما تتوافق الاستراتيجيات الاردنيه  الحالية والسابقه ، مع استراتيجية  الادارة الامريكية الجديدة،  النابعه من  سياسات  الدولة العميقه في الولايات المتحده ، سياسيا واقتنصاديا ،الامر الذي  حدا بجلالة الملك عبد الله الثاني ،ان يكون  حريصا  على  لقاء  الرئيس المنتخب بايدن حين كان" سناتور" في مجلس الشيوح الامريكي، في كل زيارة  رسمية او غير رسميه لامريكا ،وعلى مدى قرابة عقدين ، وتعزيزا  لهذه العلاقة  الثنائية فقد كان  جلالته يصحب معه  سمو الامير الحسين دوما ،  للمشاركة  في هذه اللقاءات 
 
فضلا عن ذلك ، فان  الاردن الرسمي والشعبي قريب جدا من  الدكتور وليم بيرنز  الذي كان سفيرا لبلاده في عمان ، وشارك  للاعداد لاتفاقيات السلام ،وسعى لكبح جماح اسرائيل، ودخل قلوب وعقول كل الاردنيين ،بغض النظر عن توجهاتهم السياسيه ومواقفهم من الادارة   الامريكيه .
 
 فقد كان " وليم بيرنز"  حريصا على  نقل  الآم  وآما ل الاردنيين الرسميه والشعبيه  لبلاده   ، وساهم بذكائه ، في تحقيق العديد من  الانجازات السياسية والاقتصادية في العلاقات  الثنائيه ،  حين كان سفيرا لبلاده  في  عمان ،  في فترة تعتبر من اصعب اللحظات في تاريخ  المملكه ، وهي فترة انتقال السلطة  من جلالة المغفور له الملك الحسين  الى  جلالة الملك عبد الله الثاني، امد الله بعمره  .
 
 وبعد 
  فان الاردنيين والفلسطينين سعداء  اليوم ، بالادارة الديمقراطية الجديدة التي ترفض صفقة القرن رسميا ،وسعداء بتعيين  الدبلوماسي ويليام بيرنز مديرا للمخابرات الامريكية ، والذي قال ردا على سؤال  صخفي  : لقد سئم  الفلسطينيون  الاحتلال  ، داعيا الى  "الحيطة من سياسات اليمين الاسرائيلي "-التي وصفها  ب  "المزعجة والساعية لتصدير  المشكلة  الديمغرافية في اسرائيل التي تحتل كل فلسطين الى الجانب الاردني  "
 
 ويتوقع  الاردن   - حسب  دبلوماسيين في عمان – ان يكون  للاردن  دور سياسي  محوري  بارز في المنطقة، في عهد الادارة  الديمقراطية  الجديده ، وان  تتعزز العلاقات الاقتصادية  بين الدولتين ، وان تصبح  العلاقات الاستراتيجية  بينهما ذات بعد سياسي واقتصادي  ينعكس ايجابيا على مستوى  حياة الاردنيين  جميعا  ، في اطار معادلة تعاون جديدة  ، تنبثق  من الرؤيا والرؤى  الرسمية للادارة الامريكيه الجديدة  
 
 
 
الكاتب  - صحفي  وباحث


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد