قُصُورُ اَلْعَقْلُ اَلْبَشِرِي

mainThumb

23-07-2021 01:58 PM

 أخاطب في مقالتي هذه أتباع الرسالات السابقة وأتباع الديانة الإسلامية أصحاب العقول والعلوم المختلفة والمثقفون والذين يؤمنون بكتبهم السماوية والتي هي من عند خالق هذا الكون وليس من وضع البشر. لقد كتبنا سابقاً مقالات عديدة ونوَّهْنا فيها أن الله في خلقه لمختلف أنواع خلقه في هذا الكون جعل لكل نوع مواصفات معينة وخصَّها بقدرات معينة ومحددة لا يستطيع أحد تجاوزها كالملائكة والجن مثلاً. وكذلك الإنسان الذي كرَّمه الله وخلقه بيديه ووضع له مواصفات وقدرات محددة لا يستطيع تجاوزها مهما بلغ من درجات العلم والتكنولوجيا والثقافة والرُقي. وأكبر دليل على ذلك أن الله إختار من بني آدم الرسل وفضل بعضهم على بعض ولكن بحدود لا يتجاوزوها (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۘ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَٰكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (البقرة: 253)). ورفع بعض الناس على بعض درجات أيضاً ولكن بحدود لا يتجاوزوها (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (الأنعام: 165)). وكذلك فضَّل الله بعض الأنبياء على بعض وأيضاً نؤكد بحدود لا يتجاوزوها (وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (الإسراء: 55)). 

 
ولِمَا تقدم شهد ويشهد التاريخ أنه ما إستطاع رسول ولا نبي ولا ولم ولن يستطيع أي مخلوق من بني آدم مهما بلغ عنده من الخبرات الحياتية وما شارك في عدد كبير من اللجان والمؤتمرات البشرية وما جَمَّعَ من الشهادات العلمية العليا، أن يتجاوز حدوده مع ما أنزل الله من تشريعات وقوانين تخص مخلوقاته المختلفة. فننصح كل من حاول سواء بقصد أو بغير قصد أن يتجاوز حدوده مع أوامر الله ونواهيه أن يراجع نفسه ويعلم أن مواصفاته وقدراته العقلية البشرية تبقى عاجزة عن فهم وإستيعاب أبعاد تلك الأوامر والنواهي الربَّانية. أما بالنسبة للأنعام فمنها ما ذلَّلها الله لنا للركوب ومنها أحلَّها الله لنا للأكل (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِّمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ، وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ (يس: 71 و 72))، فلا نستطيع أن نعترض على ما خصه الله لنا منها للركوب و ما أحلَّه الله لنا منها للأكل. فننصح كل من سيطر عليه شيطانه في وقت معين ودفعه ليكتب وينشر أي شيء يتعارض مع أوامر الله ونواهيه وتشريعاته من حيث الحلال والحرام أن يعود لنفسه ويلومها ويصحح خطأه (راجيين أن تكون نفس ذلك الشخص من النفس اللوامة وليس من النفس الأمارة بالسوء). والدفاع عن الباطل سيكون دفاعاً ضعيفاً من قبل أي شخص آخر مهما بلغ من الفطنة والذكاء والبراعة في صياغة الكلمات والعبارات البرَّاقة . فالإعتراف بالخطأ والعدول عنه فضيلة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (النساء: 135)).


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد