ليلة القبض على شيكسبير

mainThumb

13-06-2022 12:11 AM

كانت الشمس قد غربت منذ زمن بعيد حين رأيت ظلالا سوداء تتحرّك بخفّة تحمل رزما من الورق وتلصق منشورات على واجهات المحلاّت والبيوت وعلى جذوع الأشجار..لم أفكّر بالأمر طويلا قلت في نفسي ربّما هؤلاء يمثّلون جماعة ممنوعة من الظهور فاتخذوا الليل ستارا لينفّذوا فيه مأربهم ...ولمّا كنت أكره أمثال هؤلاء لأنهم جبناء وغير قادرين على المواجهة فقد قرّرت أن أظلّ جالسا على مقعدي بالشرفة وسيكون في الصباح لكلّ حادث حديث بإذن الله .
لست أدري هل نمت بعمق في تلك الليلة أم لم أنم .. المهم لقد طلع الصباح وأنا ما زلت على ذلك المقعد وإذا كنت قد نمت فلا شكّ بأنّ الذي أيقظني كان تجمهر الناس في الشارع العام واللغط الذي أصبحت أسمعه بوضوح .. قرّرت النزول إلى الشارع لأعرف ما الذي يجري ولم أكد أختلط بالجمهور حتى رأيت صاحبي يتجه إلي ويقول بصوت متهجّد لم يكفهم قتل الأحياء بل أصبحوا يطالبون بمحاكمة الموتى وإعادة قتلهم مرّة أخرى إشباعا لغرائزهم الحيوانية ..قلت له : ومن هم هؤلاء ؟ قال بعصبية : إقرأ بنفسك .. وناولني منشورا من المنشورات التي رأيتها بأيدي متلصصي آخر الليل بالأمس .. حين نظرت إلى ما كتب فيه اعتراني الذهول كان مكتوبا بالخط العريض : مطلوب القبض على جثة شيكسبير وفي الحيثيات ذلك لأنه اتخذ اليهودي شايلوك في مسرحية تاجر البندقية مادّة للتفكه والسخريه وجعل منه المرابي الجشع ولذلك فالحكومة العالمية الجديدة آلت على نفسها أن تعاقبه عقابا شديدا بنبش قبره حال التأكد من مكانه وبالخط العريض كذلك قرأت ومطلوب القبض على جثة تشارلز ديكنز ذلك لأنه صوّر في روايته أوليفرتويست اليهودي العجوز فاجين متربّعا على عرش الإجرام ومطلوب القبض على أنطون تشيخوف لأنه كتب قصة كمان روتشيلد واصفا فيها اليهود بأنهم يعيشون في جيتو نفسي داخل أيّ مجتمع يتواجدون فيه ناشرين الفساد والرذائل .. ومطلوب القبض كذلك على افيدرودستويفسكي لأنه كتب مقالا بعنوان المسألة اليهودية وفيه يقول إذا احتاج المرء لمعلومات عن اليهود فليمدّ يده إلى أوّل صحيفة بالقرب منه وليبحث في الصفحة الثانية أو الثالثة سيجد في الحال الحركات والمؤامرات والتآمرات والإبتزازات ومطلوب القبض أيضا على إيفان تورجنيف لأنه كتب قصة اليهودي وفيها عرّى اليهود وعرّى أساليبهم الملتوية ومطلوب القبض كذلك على اليهودي بوريس باسترناك لأنه معتدل ولم ينزلق إلى العنصريّة ومطلوب القبض على المؤرخ البريطاني ديفيد ايرفنج لأنه أثبت بالدليل القاطع أن اليهود لم يتعرّضوا للحرق في أفران الغاز كما يروجون لسبب بسيط هو أن هذه الأفران بناها اليهود أنفسهم بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ومطلوب القبض على روجيه جارودي الذي أثبت في كتابه الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية بأن عدد اليهود في اوروبا إبّان الحرب العالمية الثانية لم يزد على ثلاثة ملايين فكيف والحالة هذه يباد منهم ستة ملايين ؟؟
ومطلوب القبض عليك ...وهنا صرخت بصوت مرتفع : لماذا أنا ؟ واستيقظت مذعورا لأرى أشعّة الشمس تتسلّل من النافذة وحمدت الله لأنهم لم يقبضوا عليها هي الأخرى ...
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد