حكومة اشتية .. حكومة المستحيل الفلسطيني! - صابر عارف

mainThumb

17-04-2019 03:30 PM

 لانني اعرف جيدا السياسة العامة للسلطة الفلسطينية بقيادة ابو مازن ونظامها السياسي الذي انحسر ليصبح رئاسيا ممثلا بشخص الرئيس وحده وبسلطات شبه مطلقة في ظل عجز مؤسسات النظام وفصائله المختلفة ..نظام قديم عقيم يضع حدا سميكا لا يمكن تجاوزه من قبل اي سلطة تنفيذية أخرى كالحكومة الفلسطينية ، ولا يمكن ان تلعب فيه اي حكومة أكانت فصائلية ام اي شيء آخر اي دور حقيقيي وجدي الا برضى ،، السيد الرئيس ،، وموافقته الشخصية امتدادا للنظام الأبوي الذي عانت منه كثيرا الثورة من قبل ، ما يفقد أي حكومة شخصيتها الحقيقية ويحولها لمجموعة من الموظفين وان كانوا كبارا ، وبرئاسة كبير الموظفين وهذا ما لا اتمناه لصديق احترمه وأقدره كثيرا كالدكتور محمد اشتيه الزميل والصديق فيما مضى من نضال وبناء مشترك أثناء عملي قبل التقاعد في وزارة الحكم المحلي وبلدية طولكرم حيث لم يبخل علي يوما باي فرصة للدعم والاسناد من موقعه في رئاسة مؤسسة بكدار التنموية ، المؤسسة الفلسطينية الأبرز والاهم . حاولت ان لا أكتب وجهة نظري المخالفة لوجهة نظره بالضرورة ، حتى لا أزيد الهموم هما في زمن يستحيل كما ارى تحقيق اي من طموحاته التي يتمناها ورددها كثيرا خلال الايام الماضية .

فبين التفاؤل والوهم عبر رئيس الوزراء محمد اشتيه، عن احلامه بان الحكومة ستبدأ العمل مباشرة ، مؤكدا على وجود خطة متعلقة بالمالية العامة، وبتعزيز صمود الناس، والمنتج الوطني، وبرفع المعاناة عن الاهالي في كل أماكن تواجده في المجالات كافة. وهذا قد يكون ممكنا الى حد ما وبالحد الذي ستسمح به السلطة الاعلى ممثلة بسلطة الاحتلال التي تحصي علينا النفس والتنفس ، وحتما فان التواضع والوصول لمقر رئاسة الوزراء مشيا على الاقدام ، والذي اتمنى له الدوام والاستمرارية ، والاصرار على تصحيح خطأ حلف اليمين الذي ارجو ان لا يكون مقصودا من قبل بعض المنظمين المدسوسين وما اكثرهم هذه الايام ، وقد يكون باتخاذ بعض اجراءات التقشف الجيدة التي أعلن عنها ونحن بحاجة للمزيد منها ، قد يكون هذا ممكنا لكنه أضاف خلال ترؤسه الجلسة الاولى للحكومة ، بان حكومته ستعمل على تنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي، التي تم التأكيد عليها عبثا في اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ، فهذا وهم اختبرته السنوات الماضية منذ آذار ٢٠١٥م عندما قرر المجلس المركزي الفلسطيني وقف التنسيق الامني مع الاحتلال وتحديد العلاقة مع العدو لكن رئيس الامر الواقع الفلسطيني صاحب كل السلطات ضرب حتى اليوم وغدا عرض الحائط بهذه القرارات وأوقف العمل بها وما زال حتى اليوم بارادة ودعم الاعداء ليس الا.
 
كما انني لا أعرف كيف يؤكد رئيس الحكومة التزامه باجراء الانتخابات التشريعية أو التشريعية والرئاسية في موعدها الافتراضي المخادع التي لا يمكن ان تتم بدون القدس او بدون غزة التي قد تجد لها حلا الكترونيا ، ولكنك لن تجد اي حل للقدس ما دامت قرارات ترامب ونتنياهو هي الاولى والاخيرة .
 
ومع انه قال في استدراك لافت أن ،، الحكومة لا تملك عصا سحرية في ظل الاوضاع الصعبة التي تمر بها دولة فلسطين ،، الا انني ارى ان هناك تبسيطا لحجم العقبات الموضوعية التي تقف في وجه أي حكومة فلسطينية ، عقبات ذات بعد استراتيجي اصولي في أسس وتشكيل مكونات وسياسات المنطقة التي شكلت كيان السلطة الفلسطينية التي لا يمكن تسميتها باي حال من الاحوال بدولة فلسطين والتي يؤكد قادة اسرائيل وامريكا صباح ومساء كل يوم جديد بانهم لن يسمحوا الا بوجود كيان عميل مأجور لخدمة الامن الاسرائيلي مع الحفاظ على حق الماجورين في الغذاء لاستمرار حياتهم للعمل عندهم كالعبيد او الحيوانات تماما .
 
وكل الدلائل والمعطيات تؤكد اننا لسنا بدولة ولا بشبه دولة ، ولا نملك من حقوق السيادة شيئا وأظن ان هذه الحقيقة لا يمكن ان تغيب عن الدكتور اشتية المناضل والمثقف صاحب القلم ، ولا أظنه غارقا تماما كرئيسه بوهم السلطة والسيادة متجاهلا الاحتلال وعصاه الغليظة للغاية .
 
علاوة على ما سبق فاننا لا نستطيع ان نتجاوز حالة الاحباط الشعبي الواسعة من السلطة وكافة مؤسساتها بما فيهم الحكومات المتعاقبة التي اوصلت العباد والبلاد لنسبة بطالة بلغت 30.8 بالمائة في 2018، ونسبة فقر عند 29 بالمائة، وتباطأ النمو الاقتصادي إلى 0.7 بالمائة مقارنة مع 3.2 بالمائة سابقا ، فيما تواجه بيئة الأعمال في فلسطين صعوبات مرتبطة بتقييد إسرائيل حرية حركة الأفراد والبضائع بين مدن الضفة الغربية وغزة، وبين فلسطين والخارج، ما يربك الاستثمارات الحالية والمحتملة في السوق.
 
لن تغير النوايا والامنيات حسنة كانت ام سيئة في الامر شيئا ، فسيذهب ادراج الرياح ما قالته حماس والمعارضة عن تشكيل حركة فتح لحكومة اشتية من انه استمرار لسياسة التفرد والاقصاء ،وتعزيزا للانقسام . كما لن تغير شيئا دعوات ابو الاديب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني ومعه اللجنة التنفيذية ، ليس لتقصير او خلل في الدكتور اشتية أو اي من وزرائه الذين امتدحهم جيسون غرينبلات مبعوث الرئيس الامريكي دونالد ترامب لعملية السلام في الشرق الاوسط عندما قال عبر تويتر ،،تهانينا لحكومة السلطة الفلسطينية الجديدة…وأشاد بخبرة وزرائها ،مع انه مشغول جدا هو ومجمل ادارته بتوسيع هجومهم الشامل على الفلسطينيين ، واستقبل الحكومة كما كشفت صحيفة واشنطن بوست الامريكية بالاعلان ان خطة السلام الامريكية المسماة بصفقة القرن لا تستند إلى حل الدولتين، على عكس جولات المفاوضات التي حدثت على مدار العشرين عامًا الماضية. كما صرح وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، اثناء مقابلة تلفزيونية مع قناة CNN بأنه لا يرى بحديث نتنياهو الخاص بفرض السيادة الإسرائيلية على مستوطنات الضفة الغربية، اي ضرر بخطة ترامب للسلام في الشرق الأوسط المعروفة بتسمية “صفقة القرن” .
 
فالحقائق على الارض هي صاحبة القول الاول والاخير وهي من ستفرض نفسها مجددا ما دام نظامنا السياسي على حاله من تخلف .
 
كاتب فلسطيني
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد