الناس تأكل بعضها والحكومة تأكل التسالي

mainThumb

30-08-2009 12:00 AM

لم يعد خافيا على احد أن أكثر الناس تفاؤلا وقناعة بأداء الحكومة الأردنية وسياستها التنموية المختلفة قد بدأ يلحظ انعطافا وتراجعا وعجزا خطيرا في أداء الحكومة لمسؤولياتها وعلى مختلف الصعد , وتدهورا كبيرا في صحة المجتمع الأردني, وتهاويا في بنيانه ألقيمي الاجتماعي, حيث بتنا نلاحظ أمراضا مجتمعية لم تكن معروفة لدى أبناء المجتمع الأردني إلى عهد قريب جدا.

لا يوجد مجتمع مثالي, ولا يوجد مجتمع خال من المشاكل والجريمة ولكن تزايد نسبة هذه المشاكل وسعة وسرعة وأماكن انتشارها في المجتمع الأردني نسبة مقلقة وخطيرة جدا وهي لا قدر الله تنبئ بأخطار إن استمرت لا يمكن معالجتها ووقفها بسهولة من أي حكومة أو سلطة مهما كانت قوتها وإمكاناتها.

المجتمع الأردني تغير كثيرا, والتغير سمة من سمات كل المجتمعات الحية ولكن التغير الذي ننشده ونرجوه هو التغير نحو الأفضل وليس العكس.

جرائم القتل والسرقة والنصب والاحتيال وهتك العرض وغلاء الأسعار والاحتكار وضياع الثقة وانعدامها بين الناس, وغيرها من الجرائم الدخيلة والغريبة عنا وعن دينا وثقافتنا ومجتمعنا, هي عناوين أخبارنا اليومية والتي لا تخلو منها أي صحيفة أردنية يومية كانت أو أسبوعية.

هذا التنامي لهذه الظاهرة الخطيرة له سلبيات لا تحمد عقباها ولن ينجو من أضرارها وأهوالها احد وستأتي على الأخضر واليابس إن استمرت لا قدر الله.

المتابع والمتمعن بهذه الظاهرة يلحظ انتقال وانتشار هذه الظاهرة بين أبناء المجتمع الأردني ممن كان يعتقد إلى عهد قريب جدا أنه بمأمن ومنأى عن مثل هذه الأمراض الخطيرة, والتي كان البعض يعتقد ويروج لفكرة حدوثها ووقوعها وظهورها في مجتمعات وبيئات ذات صبغة وطبيعية معينة تختلف عن بيئة وطبيعة المجتمع الأردني المحافظ في الريف والبادية.

لقد بدأت وللأسف الشديد هذه الجرائم بالانتشار في معاقل ومواطن كثيرة من الأردن من شماله إلى جنوبه, ومن شرقه إلى غربه. الأطراف أو الأرياف والبوادي الأردنية كانت السد المنيع والحصن العاصي على كل هذه الأمراض واليوم وللأسف الشديد باتت موطنا لهذه الأمراض, وهذا أمر في غاية الخطورة وينبغي الوقوف عنده كثيرا.

هذا الانتشار السريع في نسبة ومعدل ونوعية ومكان انتشار الجريمة ينبغي الوقوف عنده كثيرا من الحكومة ومن مؤسسات ومنظمات المجتمع الأردني لمعرفة وتحديد أسبابه وتشخيصه التشخيص الدقيق وصولا لاقتراح الحلول لمعالجته ووقفه.

ينبغي على الحكومة أن تشكل لجانا وطنية متخصصة من الخبراء وأساتذة الجامعات الموثوقين لدراسة هذه الظاهرة وتقديم مقترحات عملية لحلها ووقفها واتخاذ تدابير تمنع انتشارها وتزايدها.

لا نريد أن نزايد على احد أو ندعي أننا احرص من غيرنا على المصلحة العامة الأردنية, ولا نريد أن نفت من عزم الناس ونضعف همتهم وقوتهم, وندب اليأس في نفوسهم, أو نجلد ذاتنا وانجازاتنا أو نقلل منها, كما لا نريد أن نصنف من المندسين المتخاذلين المقصرين لأننا نقرع جرس الانذار بقوة, ولكن الحكومة مطالبة بوقفة حازمة جريئة لوقف هذا النزف ألقيمي الأخلاقي والذي يهدد المجتمع الأردني ويهدد مستقبله ويشكل خطرا على هويته وهوية أبناءه بدرجة لا تقل خطورة عن انتشار أي وباء عالمي كأنفلونزا الخنازير أو الكوليرا أو السرطان.

الناس بدأت تعاني من هذه الأمراض كثيرا ويبدو وكان كل واحد منا يتربص بالأخر ويريد أن ينقض عليه ويأكله, فالتاجر يرفع الأسعار ولا يبالي, والأخ يقتل أخاه ولا يبالي والأب يقتل زوجه وأهله ولا يبالي, والأخ يسرق أهله ولا يبالي, و الحكومة وحتى هذه اللحظة لم تعلن عن أي خطة أو مشروع لوقف هذه الظاهرة الغريبة والخطيرة على مجتمعنا وهذا المرض السرطاني الخطير ولا ندري ماذا تنتظر أو تتوقع أكثر لتتحرك وتقوم بواجباتها وتتوقف عن أكل التسالي؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد