قراءة لمشروع قانون الضمان الجديد: ترشيد شروط استحقاق تقاعد الشيخوخة ( 2 – 4)

mainThumb

27-07-2009 12:00 AM

علي عيسى

أثار مشروع قانون الضمان الاجتماعي الجديد الكثير من الحوار والنقاش بخاصة لدى شريحة تتميز بالثقافة والوعي والموقع الوظيفي الاجتماعي المرتفع – إذا جاز التعبير.

فثمة فئة من هذه الشريحة التقطت الرسالة ووجدت أن من الضروري إقرار هذا المشروع وبأسرع وقت ممكن من اجل ديمومة مؤسسة الضمان الاجتماعي والتي تعنى بحياة ومستقبل القوى العاملة بخاصة والمجتمع بأسره عموماً.

وثمة فئة من الشريحة ذاتها نظرت الى مصلحتها الخاصة ووجدت في بعض التعديلات تقليصاً لبعض مكاسبها بغض النظر عن محدودية هذا التقليص أو الترشيد.

وبحكم تجربتي الطويلة في ميدان العمل والخبرة في قضايا الضمان الاجتماعي، فقد وجدت من المفيد والضروري أن أساهم في هذا الحوار والنقاش حول مشروع القانون الجديد، وآثرت أن يكون أسهامي شاملاً ومفصلاً ولكي يتمكن القارئ من الاطلاع من دون صعوبة فقد جزأت أسهامي حول هذا الموضوع الى أربعة أجزاء سأتناول في الجزء الأول منها مقدمة للأزمة كمدخل بالإضافة الى عدد من المزايا والمكاسب التي جاء بها مشروع القانون.

وفي الجزء الثاني ما أسميته بترشيد شروط استحقاق راتب تقاعد الشيخوخة، وفي الجزء الثالث طرحت أمثلة توضح كيفية احتساب راتب تقاعد الشيخوخة وما طرأ من تعديلات تطال فئتين الأولى تمثل (98%) من المشتركين بالضمان والثانية تمثل حوالي (2%) من المشتركين.

وفي الجزء الرابع والأخير تناولت موضوع التقاعد المبكر موضحاً المشكلات والتعديلات الجديدة وأمثلة تبين مدى تأثير هذه التعديلات على المستفيدين من هذا النوع من التقاعد.

وقد عالج مشروع القانون الجديد الثغرات والمشكلات التي كان من شأنها قرع ناقوس الخطر وتهديد موجودات المؤسسة والتوازن الاكتواري بين النفقات والإيرادات.

واستخدم هنا تعبير الترشيد الذي يسميه البعض زيادة شروط الاستحقاق وتخفيض بعض المكاسب.

شروط الاستحقاق:

1. من حيث السن

بقي الحال على ما هو عليه، فسن تقاعد الشيخوخة هو سن الستين للرجل وسن الخامسة والخمسين للمرأة، ولكن سمح مشروع القانون الجديد بالاستمرار في الاشتراك حتى سن الخامسة والستين للرجل وسن الستين للمرأة، إما لاستكمال شرط مدة التقاعد أو لزيادة الراتب وذلك حسب اختيار المستفيد.

والجديد هنا، أن من يختار أن يستمر في الاشتراك حتى سن الخامسة والستين للذكر أو سن الستين للأنثى منحه مشروع القانون حافزاً مهماً، وهو رفع معامل احتساب راتب التقاعد من 2.5% عن كل سنة اشتراك الى 3% وهي أعلى نسبة معامل تقاعد في العالم، بل يمكن الزعم اننا لم نشهد أي معامل من هذا النوع في أي نظام ضمان اجتماعي!

ومع ذلك، فسّرها البعض من المعترضين بأنها رفع لسن التقاعد رغم ان مشروع القانون تركها لاختيار المشترك وحسب رغبته وحساباته ورؤيته لمصلحته.

2. من حيث مدة الاشتراك

لم تتغير مدة الاشتراك المطلوبة لاستحقاق راتب تقاعد الشيخوخة فقد بقيت في حدها الادنى 15 سنة من الاشتراك، وبالطبع من المعروف أنه كلما زادت مدة الاشتراك زاد راتب التقاعد.

3. من حيث معامل احتساب راتب التقاعد والزيادات

تنص الفقرة (ب) من المادة (62) من مشروع القانون الجديد على الآتي:

‌أ- مع مراعاة احكام الفقرة (د) من هذه المادة يحسب راتب تقاعد الشيخوخة بواقع (2.5%) من متوسط الأجر الشهري الذي اتخذ أساساً لتسديد اشتراك المؤمن عليه خلال الستة والثلاثين اشتراكاً الأخيرة، وذلك عن كل سنة من سنوات الاشتراك لأول ألف وخمسمئة دينار من متوسط الأجر المذكور وبواقع (1.58%) من باقي هذا المتوسط الذي يزيد على مبلغ ألف وخمسمئة دينار.

‌ب- يزاد راتب تقاعد الشيخوخة اذا تولى المؤمن عليه إعالة شخص آخر، وتحدد التعليمات التنفيذية الشروط المتعلقة بالإعالة وأوضاعها وفق النسب والأسس التالية:-

1- زيادة بنسبة (10%) لأول شخص معال على أن لا تقل هذه الزيادة عن عشرة دنانير ولا تزيد على خمسين ديناراً.

2- زيادة (5%) لثاني شخص معال وزيادة مساوية لها لثالث شخص معال على أن لا تقل هذه الزيادة لكل منهما عن خمسة دنانير ولا تزيد على عشرين ديناراً.

‌ج- عند احتساب راتب تقاعد الشيخوخة يجب أن لا يتجاوز متوسط الأجر الذي يحسب هذا الراتب على أساسه أكثر من (50%) من أجر المؤمن عليه في بداية الـ(60) اشتراكاً الأخيرة، كما يجب ان لا يقل المتوسط عن هذا الأجر بأكثر من (20%).

عل ضوء ما سبق من حيث معامل احتساب راتب تقاعد الشيخوخة وزيادة المعالين نلاحظ الاتي:-

الترشيد الأول

بقي المعامل (2.5%) كما هو لتحسب جميع متوسطات الأجر التي تقل عن (1500) دينار على أساسه، أي أن المعامل بقي على حالة لما يزيد على (98%) من المشتركين بالضمان، أما النسبة المتبقية فقد تأثر جزء من أجورها بتخفيض المعامل على ما يزيد على مبلغ الألف وخمسمئة دينار الى (1.58%)، وهذا التخفيض هو ترشيد محدود على رواتب التقاعد الضخمة، ولا يمس جميع أصحاب الرواتب التي تقل عن ألف وخمسماية ديناراً، وهم الغالبية العظمى من العاملين بأجر. وسآتي إلى حسابات رواتب التقاعد بالأمثلة بعد استكمال عناصر احتساب رواتب التقاعد وما يضاف إليها من زيادات.

الترشيد الثاني

احتساب متوسط الأجر على أساس آخر (36) اشتراك بدلاً من آخر (24) اشتراك، وهو ترشيد محدود التأثير وذو أهمية نسبية من حيث محاولة تلافي التحايل على الضمان، برفع الأجور بمبالغ كبيرة في السنوات الأخيرة لزيادة رواتب التقاعد من دون حق بالنسبة لبعض المستفيدين أو القادرين بحكم مواقعهم في العمل على التلاعب بالأجور.

وحسب التجارب العالمية فالكثير من انظمة الضمان في العالم تحتسب متوسطات أجور السنوات الخمس الأخيرة او السنوات العشر الأخيرة. ومع ذلك اختار نظام الضمان الاجتماعي الاردني متوسط أجر آخر ثلاث سنوات ليكون راتب التقاعد معادلاً للأجر الأخير تقريباً، علماً أن صاحب راتب الشيخوخة عند سن الستين أو ما بعدها تكون التزاماته المعيشية أقل نسبياً بسبب كبر الأولاد وإنهاء دراساتهم الجامعية والتحاقهم بالعمل وتحصيل الدخل والاستقلال بأسر جديدة في الغالبية من المستفيدين.

الترشيد الثالث

رغم ما أشرنا إليه من انخفاض حجم المسؤولية العائلية على متقاعد الشيخوخة فقد جاء القانون بزيادات لمن بقي من المعالين عند صاحب الراتب، وفي مشروع القانون الجديد وضع سقفاً لمبلغ نسبة زيادة المعال. فالزيادة للمعال الأول بنسبة (10%) من راتب التقاعد بحد أدنى (10) عشرة دنانير وحد أعلى (50) خمسين ديناراً وللمعال الثاني والثالث (5%) لكل واحد منهما بحد أدنى خمسة دنانير وحد أعلى عشرين ديناراً.

أي أن مجموع الحد الأدنى لزيادة المعالين لثلاثة اشخاص عشرون ديناراً ومجموع الحد الأقصى (90) ديناراً.

لقد كانت زيادات المعالين وما زالت في القانون الحالي بنسبة (20%) لثلاثة معالين من دون حد أدنى أو حد أقصى، ولو تمعّنا في زيادة صاحب راتب تقاعد مقداره الشهري (15) ألف دينار لوجدنا أن الزيادة لثلاثة معالين تعني ثلاثة آلاف دينار (لاحظوا هذا الإسراف الجنوني) مقارنة مع (16) ديناراً زيادة لثلاثة معالين لصاحب راتب تقاعد الحد الأدنى!

إن ما جاء به مشروع القانون الجديد بخصوص زيادات المعالين بعض الترشيد المحدود، إذ ما زال سخياً مع الأثرياء وبخيلاً جداً مع الفقراء، أين نحن من معنى حديث الرسول الكريم: "خذوا من فضول أموال الاغنياء لتسدوا به بعض حاجة الفقراء".

الترشيد الرابع

زيادة على الرواتب عموماً حدها الأدنى (30) ديناراً وحدها الأعلى (50) ديناراً، أصبحت حسب القانون الحالي موحدة بأربعين ديناراً.

* خبير تأمينات اجتماعية



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد