الأسعار تتحفز للوثوب

mainThumb

08-08-2009 12:00 AM

قبل كل رمضان يبدأ الحديث يدور حول أسعار الطعام، وكيف ستؤمن الحكومة المواد الغذائية حتى يتمكن المواطن الصائم من سد جوعه، ثم حمايته من المتكسبين من مرض الجوع والعطش الذي يصيبه إذا ما ذكر رمضان أو لاحت أعلامه في الأفق، الصائم الذي يبدأ من أول نهار صيامه يجمع كل ما يشتهي، وعند الإفطار يصاب بخيبة أمل كونه لم يساعده بطنه في احتواء شهيته كاملة، فيحبط فلا يدري أيأكل من هذا أم من هذا فتطيش يده في الصفحة، حائرة عينه أي الطعام أزكى وألذ، فيمتلئ وتلبك معدته دون أن يزور بعض الأنواع، ويبقى الطعام لا يجد من يأكله ولن يرضاه في الغد!!.

يكرر المواطن هذا السلوك كل رمضان! ويعرف أنه يأتي بكل هذه المأكولات التي اشتهاها ويعرضها أمامه على السفرة وفي النهاية تكون من نصيب الحاوية! وقد لا يستفيد منها مخلوق من مخلوقات الله!، لماذا لا يذّكر الإنسان نفسه أن أي شيء في رمضان يسد رمقه، وأن أي طعام على الجوع لذيذ، وأنه لو تصرف الإنسان طبيعيا لما يحصل في كل عام ما يحصل من تحفيز واستغلال للشهوات، مع أن المسلم مطالب بالانشغال بالعبادة لا بالطعام، ولو درّب نفسه على ترك أمر الطعام الى حينه وانشغل في تهذيب سلوكه بقراءة القرآن والصلاة والدروس، لاكتفى بالقليل ورآه ألذ طعام يأكله.

المشكلة أنه تسود عندنا ثقافة غريبة ويعلمها البائع ولا أقول التاجر، وهي سائدة في كل الأيام، ولكنها تظهر في رمضان، وهي أن المواطن عندنا إذا ارتفعت أسعار سلعة ما يقبل عليها، ويستدين ليحصل عليها وقد لا يكون بحاجة ماسة اليها ويعتبر ذلك رقيا وتقدما، وإذا نزلت أسعار سلعة ما فإنه يحجم عنها ويعتبرها من سقط المتاع فلا ينظر اليها ولا تحلو بعينه إلا إذا ارتفعت أسعارها، هذا في الغالب وهناك من عرف ذلك وابتعد عنه، لكن الذي نريد من المواطن أن يكون على وعي بأن ارتفاع السلع عندنا ليس له دخل إلا بهذا الجانب جانب علم البائع أنه اذا رفع سعره سيقبل عليه الناس، وقد يقبلون أكثر لطمع يخامرهم بأن سعر اليوم سيكون أقل من غد! فيفوزون بسعر اليوم، والغريب أن المواطن يشتري بنهم، وهو ينادي ويستغيث بأي أحد ينقذه من غول الأسعار، والحكومة تدعوه ليبتعد عن الغلاء غير المبرر، وحماية المستهلك تدله على مواطن الغلاء وتحاول إبعاده وترويضه على مقاطعة السلع الغالية، وهو يأكل ويجأر دون أن يبتعد، إنها ثقافة سائدة ونرجوا أن يروض المسلم نفسه في رمضان للتخلص منها.

إنه لمن المحزن أن ينشغل المسلم في رمضان بأنواع الطعام، ونفخ الأجسام دون أن يلتفتوا الى الجانب الروحي والسلوكي الذي يريده الإسلام من رمضان، فالصوم عن الطعام والشراب والشهوات يجعل الاتصال مع الخالق يقوى، فتسمو الروح ويتهذب السلوك ويقترب المسلم من الكمال بالتقرب الى الله بالطاعات، والفرصة أمامنا في رمضان...



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد