مذكرات صائم أردني (الحلقة الثانية)

mainThumb

31-08-2009 12:00 AM

تخرج وفود المصلين بعد أداء صلاة العصر في الثالث من رمضان، فالجميع سينتشرون في السوق من أجل شراء حاجياتهم ومستلزماتهم التي يحتاجونها من أجل تجهيز وجبة الإفطار ،فهاهو (أبو حامد) ينزل من على درجات المسجد بعد أدائه لصلاة العصر وكالعادة بدشداشته البيضاء التي نراه بها في أغلب الأوقات، وهاهو جاره (أبو أسامه) يلاقيه على البوابة الخارجية للمسجد ويبادره بقوله :(تقبل الله أبو حامد) فيرد عليه: منا ومنكم صالح الاعمال، فأبو حامد كان مستعجلا وهذا مالمحته من خلال رده لأبي أسامه، فهو في هذه اللحظات كان يهمّ بالتوجه لمطعم (المعلم علي) في وسط السوق من أجل شراء كيلو القطايف ومستلزماتها من حشوة وتوابعها، فأم حامد طلباتها اوامر وعلى وجه السرعة حسب ماصرح به الحاج أبو حامد.
يقف أبو حامد أمام مطعم المعلم علي ينتظر دوره وراء من هم أمامه من زبائن، فأحدهم يريد قطايف (عصافيري) واخر يريد جوز هند واخر يريد وقية زبيب ،فالطلبات متنوعة والقاسم المشترك والهدف واحد و هو (القطايف)، وأثناء انتظاره لدوره في تلك الأزمة يأتي أحدهم من بعيد ليدخل بين تلك الأزمة ويتجاوز كل من كان أمامه، ليجد المعلم علي قد جهز له طلبيته خلال اقل من دقيقة متجاوزا كل من كان يقف في الطابور، وليخرج في تلك اللحظات أبو حامد عن طوره ويصرخ بوجه المعلم علي ومساعده (الصبي احمد) قائلا: (شو ياعلي شايفك مشّيته قدّامنا حتى بيعة القطايف فيها طويل وقصير وأبيض وأسمر ،والله وضع بقهر)، فالغريب في الأمر أن المعلم علي لم يقف مكتوف الأيدي، فكما نعرف أن الغريب في غير بلده يكون حذرا في التعامل وكما يقال (حافظ لخط الرّجعة) ولكن المعلم علي لم يكن كذلك في تلك اللحظة لابل رد ردا عنيفا وغريبا على أبي حامد، حيث قال له:(إيه يابو حامد هيّه جايّه من الأطايف ماكل بلدك واسطة بواسطة وكتيرين ماخدين حؤوء غيرهم يابيه إنت عارف مين ده اللي أخد دور غيره)؟ فرد أبو حامد باستهتار (لا والله منا عارفه بلا زغرة مين بكون هالمحروس)؟ فرد المعلم علي (إنت ماتعرفوش؟ ده بكون المعلم راشد اللي بيشتغل بمكتب العمل بيزبط إلنا التصاريح واحنا بنزبط إله الأطايف برمضان والفلافل والحمص بغير رمضان فهمت دي الوقت ياأبو حامد)؟ فحدق أبو حامد للحظات بالمعلم علي وقال (حتّى انت ياعلي ماشي عنظام حكلي بحكلك)؟ فلم يتوانى المعلم علي بالإجابة عندما قال (والنظام ده ياابو حامد مش هو اللي ماشي بهالبلد مافيش حد بيهتم فيك لسواد عنيك كله ورا مصلحته يابيه)، لم يرد أبو حامد في تلك اللحظات على المعلم علي، لا بل ترك الطابور والأزمة وغيّر رأيه من ناحية شراء القطايف، وتوجه إلى بيته حيث كان يردد ويقول وكأنه يكلّم نفسه: (يلعن أبو القطابف على أبو إهلها حتى الغريب بهالبلد صار يمشي عنظام حكلي بحكلك والله إشي بقهر ياناس).
فمن خلال تحليلي لما حصل مع أبو حامد فلا أظن بأنه سيقف في طابور بعد ذلك الموقف حتى ولو كان طابور توزيع أرزاق من قبل الحكومة الذهبيّة!!، لأنني رأيته يهذي ويكلم نفسه، وهذا حال الكثيرين منا، فربما سيأتي الوقت الذي سنكلم به أنفسنا مثل المجانين لما نراه من قهر وألم سببه تلك الواسطة والمحسوبية والتي تجعل الكثيرين يأخذون حقوق غيرهم دون عدل أو مساواة، والسبب واسطة الوزير الفلاني أو المسؤول الفلاني أو الحوت الفلاني، فبكل حق فقد كان لطابور (القطايف) الذي وقف به ابو حامد أثرا في أن يعاف القطايف ويعاف الدنيا كلها بسبب المعلم (علي المصري) والذي أصبح فاهما ومحترفا بذلك النظام الواسع الشهرة في مجتمعنا والذي إسمه نظام (حكلي بحكلك).!!
ملاحظة : سيتم وقف كتابة حلقات مذكرات صائم أردني لحين العودة من الديار المقدسة من أجل أداء مناسك العمرة
majalimuathmajali@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد