نريد ماء .. لانريد ثقافة!!!

mainThumb

11-08-2009 12:00 AM

أصبح يوم الأحد من كل أسبوع يوما عالميا للمياه في بلدة القصر، والتي تقع على بعد 25 كلم شمالا من مدينة الكرك أو مدينة الثقافة الأردنية لعام 2009، فهذا اليوم العالمي للمياه اكتسب ذلك الإسم نتيجة لحالة الطوارئ التي يعيشها أهل بلدة القصر منذ صباح ذلك اليوم حتى بداية اليوم التالي، بمعنى أن أولئك السكان المساكين لاينامون ليلة الأحد، والسبب سهرهم المتواصل ليس مع أهلهم وعائلاتهم وإنما مع ذلك (البربيش) الذي يستعينون به من أجل تعبئة خزاناتهم بالماء والذي لايصل لتلك الخزانات والبيوت إلا بعد طلوع الفجر، والسبب سوء الإدارة والمسؤولين في سلطة المياه، أولئك المسؤولين والموظفين الذين لايعلمون بتلك المسؤولية التي أوكلت لهم لامن قريب ولا من بعيد، فلا حيلة لهم إلا الجولات التنزّهيّة وجوب شوارع البلدة بتلك السيارات الحكومية ذات النمرة الحمراء.
إن يوم الأحد بكل حق هو يوم عالمي للمياه في بلدة القصر، فهو اليوم الذي يكون دور المياه فيه لتلك البلدة، ولكن كما يقال(اللي بدري بدري واللي مابدري بقول كف عدس)، فذلك الدّور المختص بتلك البلدة لانسمع به الأنفاس الأولى للمياه إلا بعد ساعات الظهر، وتكون تلك الأنفاس المائية وكأنها في (غرفة إنعاش)، بحيث لايصل الماء إلا كقطرات معدودة لتلك الخزانات التي تعلو أسطح البيوت العطشى، ووصول المياه يستمر لأقل من ساعة لتقطع بعد ذلك ويبقى انتظارها حتى تدق الساعة الثانية عشر عند منتصف الليل، وعندها تبدأ الوفود من سكان تلك البلدة بالصعود فوق أسطح منازلها، لتكون تحيتها المسائية متمثلة بعبارة استفهامية مفادها (كيف الميّه عندكو؟ جايّة؟) فإذا كان الجواب نعم كان السؤال التالي(قويّة؟) فيرد أحدهم من فوق سطح منزله المجاور :0والله مثل الطّلق)!!دلالة على سرعة المياه وقوّتها.
هذا هو حال بلدة القصر عند منتصف ليلة الأحد ودخول ساعات اليوم التالي، فالجميع منتشرون فوق أسطح المنازل، فأنظر يمينا لأرى أحدهم يمسك (البربيش) بيده وكأنه يريد تقبيله لرؤيته الماء يخرج من فوّهته، وأنظر شمالا لأرى أحدهم يتسلّق أو (يتشعبط)سخّانه الشّمسي ليضع بربيش الماء فيه، لأن الماء بطبيعة الحال ضعيف ولا يصل إلا من خلال بربيش الماء المشبوك ب(الحنفيّة)، فبكل صراحة نتيجة لتلك المعاناة المائية أصبحت على دراية ومعرفة بجميع ماركات السخّانات الشمسيّة المنتشرة في البلدة، نظرا لحجم (المتشعبطين) الذين أراهم يتسلّقونها، فأحدهم (يتعبّط) سخان (حنانيّا)، وآخر يحتضن سخّان(أبو عيشة)، وأنا (أتشعبط) سخان (رم)، فجميعنا في تلك البلدة نتبادل التحية والسلام ونحن في حالة (تشعبط) لسخّاناتنا الشمسيّة عند الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، والتي تستمر حتى ساعات الفجر الأولى، فما أجملها من تحيّة مائية ونحن محتضنين لتلك السخّانات الشمسيّة في ذلك الوقت المتأخر من الليل!!!.
هانحن نبقى نعاني ونعاني ومنذ وقت طويل في تلك البلدة من مشكلة المياه، فتلك المشكلة ليست في بلدة القصر خاصّة، ولكن في محافظة الكرك عامّة، تلك المحافظة التي أطلق عليها مدينة الثقافة الاردنية لعام 2009، فنحن لسنا بحاجة إلى ثقافة ولا إلى علم في ظل وجود واقع خدماتي سيء في تلك المحافظة، لأننا بحاجة إلى شيء أهم من من الثقافة والعلم ذلك الشيء الذي يعد عصب الحياة وهو الماء، فيامسؤولينا في محافظة الكرك من محافظ ومتصرفين ورؤساء بلديات ومدراء دوائر، اتركونا من الثقافة وأعينونا على توفير الخدمات الأساسية لنا وفي مقدمتها الماء، فالواقع الخدماتي في تلك المحافظة سيء إلى حد لايتصوره أحد، فاتركوا الثقافة جانبا واسعوا لأن يكون اسم الكرك (مدينة المياه الاردنية) لما تبقى من عام 2009، فتوفير الخدمات لابن المحافظة أفضل من ثقيفه الذي لايسمن ولا يغني من جوع في ظل وجود الكثيرين من الذين يدّعون الثقافة وهم بعيدون عنها كبعد (بكين) عن (كاراكاس)، فهدفهم من كل ذلك هدف مادي وشخصي وليس ثقافي، فأعينونا أيها المسؤولون على توفير أبسط حقوقنا وهو الماء، لأن الشك والخوف أصبح يراودني أنا والكثيرين من الجيران بأن نهايتنا ستكون في أحد أيام الأحد، والسبب ربما سقوط أحدنا من فوق سّخّانه الشمسي الذي (يتشعبطه) الساعة الواحدة صباحا من أجل تعبئته بالماء، والذي لانسمع صوت أنفاسه إلا في ذلك الوقت المتاخر من الليل!!!.
majalimuathmajali@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد