الإدارات التربوية .. خرقاء وجدت صوفا

mainThumb

08-09-2009 12:00 AM

ابراهيم قبيلات

 

مازال التعليم عندنا يتابع انحداره بسرعة هائلة، وأوضاع المدارس في بداية العام الدراسي متردية من حيث توزيع المعلمين ورفد المدارس بالكوادر الملائمة، وخاصة الإدارية منها، لأن الإدارة هي أساس العمل، والإدارة التربوية هي أخطر أنواع الإدارات، لذا يجب انتقائها بدقة وإبعاد المحسوبيات عن الاختيار، فإذا كانت الإدارة التربوية بعيدة عن الميدان وتستقي معلوماتها التي تبني سياساتها وفقا لها من رؤساء الأقسام الذين أبعد ما يكونون عن الميدان، ومعلوماتهم مجرد ترهات لم يتحققوا منها، لذلك فهي تتصرف وفق لأهوائها أو أهواء البطانة، وتنظر الى العاملين معها من زاوية مصلحتها الشخصية وما يمكن أن يقدم العامل معها لها من خدمات أو بقدر ما ينفعها شخصيا دون النظر الى مصلحة العمل وما قد يجره هذا التصرف من فساد وما يخلق من أجواء الإحباط والغيظ لدى المعلمين الذين هم في أمس الحاجة الى التوازن النفسي لكي يتعاملون مع تلاميذهم بتوازن، ولا يقابلون طلبتهم وهم حانقون حاقدون من جراء المعاملة التي يتعرضون لها من إدارتهم المباشرة أو الأعلى صعودا في السلّم أو زمرة البطانة التي أصبحت ظاهرة في مديريات التربية.

بدأ العام الدراسي وبدأت مديريات التربية بتوزيع المعلمين على المدارس، إما عن طريق النقل أو التعيين الجديد، والنقل إما أن يكون خارجيا أو داخليا، ومن خلال هذه التوزيعات تجد الخرقاء صوفها، فتبدا التوزيعات والنقل المستند على تلك الترهات، فتكون مدرسة ساكنة فإذا بها لا تجد مدرسين، ومدرس آمن في مدرسته ومستقر ينقل بعيدا، فيبعدون القريب ولا يقربون البعيد، وكل ذلك من أجل شفاء صدورهم من معلم أو من أجل أحد "المحاسيب" في الميدان، ومصلحة المدارس تكون في ذيل الاعتبارات! لأن الثقافة السائدة عندنا للأسف هي" إذا حصلت على مركز حكومي فهو ملك لك وحدك وتصرف كما يحلو لك، اما الحق والقانون فهو ليس لنا ما دمنا نحيا هذه الفوضى"، وما يحصل الان في عمان الخامسة من فوضى النقل وشغل الشواغر الجديدة، خير دليل على المحسوبية فهي بيئة خصبة للوساطات، وتصفية الحسابات، فقد وقعت الفريسة فاشتمها الضباع وشرعوا في تمزيقها، وجعلت الخرقاء صوفها من بعد قوة أنكاثا.

المجتمعات الناهضة تبدأ نهضتها من التربية والمتردية تتردى من نفس المكان، فكيف لنا أن نبني جيلا يتحلى بكل الصفات التي نريدها ونحن نعهد لمدارس القائمون على التدريس فيها أناس مغبونون ومضطهدون من زملائهم في المديريات قبل المجتمع الذي لاينظر لهم كما يجب، ومن وزارتهم التي تتعامل معهم كرموز أو أرقام وليسوا أوعية لنقل العلم وثقافة المجتمع الى الأجيال، فما ظنك في جيل لا يرى في هذا الوعاء الإكبار والاحترام! وهذا كله من سياسات الإدارات التربوية التي تلهث لتستورد ما عند الغرب من أساليب جديدة لكنها لا تأخذ إلا القشور والتوافه وكأنها تقصد إفساد التعليم، وتترك لزمرة يتحكمون بالعباد على أهوائهم،ويحملونهم وزر انحرافات مجتمع رسمته القيادات التربوية على مدى السنوات، ولذلك كثرت استقالات المعلمين، وزاد التمرد من آخرين على واقع التعليم رغم العقوبات التي لاتزيدهم إلا تمردا، والأمل معقود بالوزير الجديد لتفكيك الشبكات الطاردة للمدرسين في المديريات، وتنظيفها قبل النزول الى الميدان الذي أثخن من جراح المخططين والقيمين عليه في المديريات، وهم لايظنون أنهم يحسنون صنعا..



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد