المزج بين المادة والروح

mainThumb

15-08-2009 12:00 AM

يتساءل كثيرون عن سبب ازدياد حالات الإنتحار والقتل في مجتمعنا، وأدلى الكثير بدلوه حول أسباب ذلك، وقد يكون البعض أصاب شيئا من الأسباب، من حيث أنه أصبحت تتفشى في المجتمع ثقافة جديدة ليس لها صلة بثقافتنا، وبتنا نفقد الكثير من أسس ثقافتنا وديننا، ونتجه الى الثقافة الغربية المادية البحتة، وكثير من الذين حاولوا معالجة المشكلة عزوها الى أسباب مادية وهذا صحيح، ولكني سأحدثكم اليوم عن أمر آخر هو من خصوصية ديننا المتوازن، الذي يعالج النفس الإنسانية علاجا من عند خالقها، فيكون العلاج ناجعا ولن نجده إلا في الإسلام! وهو المزج بين المادة والروح.

قد يسأل سائل: ما الروح، وما المادة، و كيف نمزج بينهما؟ فالمادة محسوسة والروح غير محسوسة. والجواب على ذلك هو أننا لا نعني بالروح " سر الحياة" وإنما الروح التي نعنيها، هي الشعور بالراحة والرضى والسعادة التي يحس بها الإنسان في حياته أو الشعور بالهيبة التي نشعر بها عند دخولنا مكانا مقدسا، ونقول إن هذا المكان فيه روحانية، وهذه الراحة والهيبة هي نتيجة إدراكنا بصلتنا بالله وبعظمته، والذي يدرك صلته بالله تكون عنده روحانية، سواء أكان في المسجد يتعبد أو في الشارع أوفي السوق يتعامل مع الناس.

أما كيف نمزج بين المادة والروح، لعلاج سلوكاتنا؟ فإذا عرفنا أن الروح هي إدراك الصلة بالله، فإن المادة هي كل عمل نقوم به سواء أكان عملا لإشباع غريزة كحب المال والميل الجنسي، أو حاجة عضوية كالأكل والشرب، والمزج بينهما يكون بإدراك صلتك بالله عند اقدامك على العمل، فإذا أدركت هذه الصلة ستسأل هل أمر الله بهذا العمل أم لم يأمر؟، فتقدم على العمل أو تحجم عنه بناء على أوامر الله ونواهيه، وتكون بذلك قد مزجت بين المادة والروح فأشبعت حاجتك وأرضيت ربك، فتشعر بالسعادة في الدنيا والآخرة، لأنك فهمت غاية الحياة الدنيا دار الامتحان، وعملت من أجل الآخرة التي هي الحياة الحقيقية.

والسؤال: هل أصبحنا نفقد الروح "إدراك الصلة بالله" بالرغم من انتشار المساجد ووصول الدعاة الى داخل البيوت عن طريق الفضائيات؟ وهل قوى الشيطان استطاعت أن تتغلغل في مجتمعاتنا وتسيطر على أفراد منا حتى يفعلوا ما يفعلون من تعد على نفوسهم ونفوس غيرهم؟ دون خوف من الله ومن سوء العاقبة يوم القيامة، وهل الدعاة مقصرون في عرض ديننا بشكله الصحيح، أم أن كلامهم يذهب هباء لأنه لايجد آذنا صاغية، وانشغل شبابنا بالغناء والرقص وغذوا المادة على حساب الروح، فحصل أن يسقط الإنسان فريسة اليأس والإنسحاب عند أول صدمة يتعرض لها فيبحث عن حلول فلا يدله الشيطان إلا على الإنتحار أو القتل وكل ما يغضب الله، لأنه فقد الصلة بالله.

ما يحصل يتطلب من الحكومة إعادة النظر في التعليم والمناهج ووسائل الإعلام ودور العبادة، والبحث في الخطاب الديني ومستواه والتركيز على العقيدة والبعد عما يحصل الآن من فصل بين المادة والروح وبين الدين والحياة في الخطاب الديني في مساجدنا وتركيزه على العبادات دون العمل، وتعميم ذلك على وسائل الإعلام المسموعة والمشاهدة والمناهج الدراسية، واستنهاض همم المفكرين والدعاة للعودة التي فكرنا وثقافتنا وتاريخنا، ووضع حلول لهذه الظاهرة التي تتفاقم يوما بعد يوم بشكل لافت.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد