يوم أن ضرب النقباء

mainThumb

15-08-2009 12:00 AM

المهندس هشام خريسات
لم تكن حادثة الاعتداء بالضرب على النقباء المهنيين قبل أسابيع أمام وزارة الزراعة من قبل قوات الدرك في الاعتصام المقام احتجاجا على استيراد المنتوجات الصهيونية و لا إخراجهم عنوة و دفعا بالأرجل و الأيدي من مركز أمن الشميساني حدثا عاديا عابرا تمحوه زيارة مجاملة و تطييب خواطر "جاهة" من قبل وزير الداخلية ، بل كان عنوانا لمرحلة جديدة شعارها تشديد القبضة الأمنية و استخدام القوة المفرطة تحت غطاء الحزم في تطبيق القانون و فرض هيبة الحكومة.
و ما حدث بالأمس في ميناء العقبة و شوارعها و ساحة مستشفى الأميرة هيا من تهشيم رؤوس معتصمي مؤسسة الموانئ بالهراوات و قذف قياداتهم من سيارات الدرك و اعتقال العشرات و ما حدث قبله بساعات في بعض شوارع عمان عندما تم قمع المحتفلين بالثانوية العامة من الشباب و عائلاتهم و أمهاتهم إلا دليل على ما أقول ، و هو تطبيق للمبدأ الأمني القائل "كسر راس الكبير فيهم" ، و إذا لم يكن النقباء المهنيون الذين يمثلون 25% من الشعب الأردني من مهنيين و مثقفين و عائلاتهم تمثيلا حقيقيا لا تشوبه شوائب التزوير و التصويت الأمي هم المعارض الأكبر و المشاكس الأول للسياسات الرسمية الذين ينبغي البدء بهم فمن يكون؟!
كانت سذاجة كبيرة من زملائنا النقباء عندما قبلوا "تبويس" اللحى و شرب فنجان الصلح مقابل تقزيم القضية و حصرها في تشكيل لجنة تحقيق مع ضابط شرطة مهما كبرت رتبته فإنه يقوم بتنفيذ واجبه في تطبيق التعليمات بحرفية تامة يشكر عليها بدل أن يلام و لا يتحمل عنها أية مسؤولية إلا من أصدرها و أوعز بها و هو وزير الداخلية و من خلفه رئيس الوزراء و الحكومة كاملة.
إن التصرف الصحيح الذي كان ينبغي اتخاذه يوم أن ضرب النقباء هو المزيد من التصعيد السلمي و التوجه نحو العنوان الصحيح و رفع شكوى قضائية بحق الحكومة على هذا الإجراء غير الموفق و الذي يفتقر إلى الحكمة بل يخلو منها تماما.
في عهد حكومات سابقة و نقباء سابقين كانت وزارة الداخلية و أجهزتها الأمنية تقيم اعتبارا معقولا لأي معتقل أمني ينتسب للنقابات المهنية و تعامله معاملة خاصة حريصة بذلك على سمعتها و متجنبة أي تصعيد غير مبرر مع النقابات المهنية و الجمعيات الحقوقية المحلية و الدولية ، أما اليوم فيبدو أن المعادلة تغيرت تماما و كانت ساعة ولادة التغيير يوم أن ضرب النقباء.
و الآن و بعد أن وقعت الواقعة الأليمة في ثغر الأردن الباسم الذي حرصت الاستراتيجية الأمنية على مدى عقود على إبقائه آمنا هادئا بعيدا عن التوترات و الاستقطابات يتمتع برخاء نسبي و مقبول لجميع القاطنين و العاملين فيه ، و بعد أن تسببت واقعة العقبة في انعكاسات سلبية امتدت من "الطيبة" جنوبا إلى "الطيبة" شمالا ، فإن هذا الشعب الطيب الذي بات اليوم يتذكر "هبة نيسان" و "أزمة اليرموك" يتوق إلى بلسم يهدئ النفوس و يلجم المتعطشين إلى الحلول الأمنية و يباشر في تنفيذ برامج عملية لتوزيع مكتسبات التنمية و تطبيق العدالة الاجتماعية بين كل أبناء الوطن في جميع محافظاته و خاصة الأقل حظا و بكل شرائحه و خصوصا العمالية منها ، و لن يكون هذا البلسم إلا بتدخل مباشر من جلالة الملك و تعاون القيادات الحزبية و النقابية و العمالية و المجتمعية المخلصة ، و ما بين الشميساني في عمان و مركز الأمن فيها و الشميساني في العقبة و سكن عمال الموانئ فيها مسافة طويلة اختصرت تماما "يوم أن ضرب النقباء".


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد