مذكرات صائم أردني(الحلقة الأولى)

mainThumb

24-08-2009 12:00 AM

يجلس هناك تحت شباك المطبخ يرتدي دشداشته البيضاء، فعين تحدق بشغف ولهفة نحو السيجارة التي ماركتها (كريم) التي يلفها بين أصابع يده، وعين تحدق بإمعان وتركيز نحو (الطنجرة) التي يحيطها الصدأ من جوانبها المختلفة والتي تعلو عين الغاز الملتهبة، فهو في تلك اللحظات لايحلم إلا بقول الله أكبر الذي سيصدر من المسجد المجاور معلنا أذان المغرب، حتى يفترس تلك السيجارة التي يلفلفها بين أصابعه والتي طال انتظارها بفعل ذلك اليوم المتعب والذي يقع في الأول من شهر رمضان المبارك، فذلك الجو المضطرب المتمثل بالحرارة المرتفعة داخل أروقة المطبخ بفعل ذلك البخار المنبعث من فوهة الطنجرة جعل من (أبي حامد) مثالا للعصبية والنكد، فالأذان لم يصدح بعد وأبو حامد لاسيرة له إلا السؤال بين فترة والأخرى بقوله لأم حامد ( شو ياأم حامد طبختكي مطوله على هالغاز)؟ فترد أم حامد هي الأخرى بعصبية ( خلص هيها طاحت إنت بس روح عالغرفة واحنا بنلحقك بالأكل).
يقوم أبو حامد من على كرسيه وقدماه لاتكادان تحملانه لما يشعر به من دوخة وارتخاء بفعل ذلك اليوم الذي ينتظر به افتراس تلك السيجارة التي طالت لفلفتها بين أصابعه، وأثناء خروجه من باب المطبخ يرجع خطوة للخلف ويسأل زوجته قائلا: ( هو شو الفطور اليوم لايكون كبسة أنا ما بحب الكبسة)، فترد أم حامد قائلة: (لا طمّن حالك مو كبسة)، فيقول ذلك الزوج (الدايخ) لتلك الزوجة المعصبة: ( لعاد لاتقوليلي مقلوبة لأنه أنا بأول يوم رمضان متعود لازم يكون الأكل منسف والمنسف مثل مابتعرفي لايعلى عليه ياحجة خصوصا مع جميدات دار أبو عاطف الي اشتريناهن السنة الماضية)، فترد تلك الحجة وقد أخذت نفسا طويلا (لامقلوبة ولا منسف ولا كبسة )، فيرد عليها سائلا ( لعاد شو الأكل اللي في طنجرتكي بطبخ إله ساعتين)؟ فترد عليه بكل جرأة ( رشوف ياأبو حامد بدك أحسن من هيك)؟! فيقول باستغراب واستهجان (رشوف بأول يوم رمضان وليش)؟ فترد قائلة (شو بدنا نسوي جاج وصار الكيلو نيرة وستين ولحمه وصارت تسع نيرات شو نشحد يعني ياابو حامد مشان نوكل)؟! فيقف أبو حامد على باب المطبخ محدقا نحو تلك الطنجرة والتي ينبعث البخار من خلالها، وهاهو يبدأ بفرك السيجارة التي بيده وقد نزل محتواها على أرضية المطبخ (ربما من القهر) وأخذ يردد قائلا (حسبي الله ونعم الوكيل فيكي ياحكومة وصلت فيكي المواصيل تخلينا نوكل رشوف بأول يوم رمضان لعاد شو راح نوكل بالأيام الجايّة) ؟؟!! (الله يستر من تاليها).
يقف ابو حامد برهة وقد وضع يده على خدّه ولا أعلم بم يفكر، لكنه أطلق صوته الذي ملأ جنبات بيته مناديا على ابنته في الغرفة المجاورة للمطبخ ( يابا ياصبحيّة ماظل عندك من اللحمة الحمرا اللي أكلتيها انت وخواتك عالسّحور )؟ فترد صبحية من الغرفة المجاورة ( آه يابا خابرة ظل شقفتين سنيورة بالثلاجة أعملهم إلك يابا مع لبنة) فيرد بصوت يعلوة الحسرة والقهر : (آه يابا سويّهن إلي وكثري اللبنه عليهن لأنه الوضع شكله قلب لبنة مع حكومة حبيبنا الذهبي)!! وفعلا (الله يستر من تاليها) وعلى رأي المبدع أحمد حسن الزعبي (غطيني ياكرمة العلي)!!
majalimuathmajali@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد