حزب أردني ينتحر على بوابة الديموقراطية .. !!

mainThumb

09-09-2009 12:00 AM

موسى الصبيحي

أعلن الأمين العام لحزب "المستهلكون الأردنيون" أن حزبه سيقوم بحملة واسعة لمكافحة أنماط الاستهلاك السياسي السائدة في الأردن، وأنه سيبدأ بالدعوة إلى تطبيق سياسة تدعو إلى "العدالة الاستهلاكية" بعد أن عمل طويلاً على تطوير نظرية تقوم على مبدأ (كلما انخفض استهلاكك السياسي كلما زادت فرصك للفوز بمنصب عام) ورافق تطويرها عمل حزبي شاق بذلت فيه اللجان الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للحزب جهوداً كبيرة من أجل إنجاح عملية الخروج بنظرية متوازنة تحقق سياسة العدالة الاستهلاكية القائمة على هذا المبدأ..
وعندما أفصح الحزب عن تفاصيل النظرية والحملة المزمعة، بدأت تنهال على الأمين العام أسئلة وطلبات مقابلات من مختلف وسائل الإعلام وخاصة الفضائيات الخاصة التي تبذل طواقمها الفنية وإعلاميوها جهوداً جبارة في البحث عما يمكن أن يملأ أوقات البث المملة على شاشاتها من برامج.. وقد نجح الأمين العام في مواجهة هذا الكم الهائل من الطلبات، وفي تلبية الكثير منها، وظهر على شاشة قناة "الأردن الجديد" وهي قناة أردنية متخصصة بالشؤون الأردنية العصرية يعمل فيها كادر إداري وفني وإعلامي شبابي أردني بالكامل، قال بأن حزبه وضع خطة استراتيجية تهدف إلى ترشيد الاستهلاك السياسي ونشر ثقافة الترشيد هذه بين الشعب الأردني، بهدف حماية الشعب من خطر الاستنزاف السياسي وتبعات قتل الطموح، وكذلك حماية التجربة الحزبية والديمقراطية التي بدأتها البلاد، بحيث تختمر التجربة وتصقل جيداً بهدوء بعيداً عن أسلوب الفزعات التي تعودنا عليها لعقود عديدة.
وأردف أمين عام حزب "المستهلكون الأردنيون" بأن نشر مثل هذه الثقافة يستدعي تفهماً من الدولة أولاً لأهمية الوعي السياسي لأدوار السلطات المختلفة التي تشكّل هيكلة الدولة، وأن هذا الوعي ضروري لإبراز دور مؤسسات الدولة في بناء النموذج الاستهلاكي السياسي المنشود، وفق ما تسعى إليه بعض النخب الوطنية القليلة الداعية لبناء الأردن الديمقراطي الجديد. ولكن الأمين العام شدّد على ضرورة أن تبادر النخب السياسية المتصدرة للعمل السياسي التقليدي إلى ترشيد استهلاكها السياسي بصورة فورية، وأن تكثف من مشاريع وبرامج العمل على حساب مشاريع وبرامج التنظير، وأن ذلك يستدعي التخلي عن مكتسبات غير عادلة استطاعت الحصول عليها في غياب منهجية استهلاكية سياسية واضحة تحدد سبل المساءلة والمحاسبة الوطنية بدقة وشفافية..!!
المهم أن هذه التصريحات لم ترق للنخبة التي استمرأت السلطة، وحمل العصا الغليظة في وجه أصحاب المشاريع الوطنية الصادقة، وباشرت بوضع العصي في الدولاب، ونعتت الحزب بالعمالة وقلة الدراية، والغباء السياسي، وأعلنت أنها ستبدأ اعتصاماً "سياسياً" مفتوحاً تتوقف خلاله عن ممارسة أي شكل من أشكال العمل السياسي باستثناء الجلوس في المقاهي والصالونات الخاصة لممارسة النميمة السياسية، كما أن أعضاءها في أي من السلطات الثلاث سيضربون عن العمل ويجلسون في بيوتهم أيضاً، حتى تتوقف حملة حزب "المستهلكون الأردنيون" ويتراجع الحزب عن نظريته المكتشفة في العدالة الاستهلاكية، وليس هذا فحسب بل ويعتذر على لسان أمينه العام عن هذا التخريب المتعمد لميزان الفرص السياسية المتكافئة في توزيع مناصب الدولة وفي التعاطي السياسي الرشيد للنخب..
وفي اليوم التالي للاعتصام المجيد خرجت الفضائيات ومانشيتات الصحف اليومية بتصريحات لأمين عام "المستهلكون الأردنيون" يعرب فيها عن أسفه عما بدر من الحزب، وبأنه قرر بناءاً على هذا الخطأ العظيم "غير المقصود" حلّ الحزب وتسليم مفاتيح مقارّه إلى وزير الداخلية قبل أن يقرر الوزير إنهاء حالة الاعتصام والعودة إلى مكتبه في الوزارة.. وأضاف بأنه تلقى اتصالاً أمس من شخصية كبيرة متنفذة أسمعته تعنيفاً مغلظاً ما دعاه إلى إعلان التراجع عن مبدأ الاستهلاك السياسي وإلى الاعتزال، معتذراً من وزير التنمية السياسية على التنمية الهدامة التي مارسها حزبه..!!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد