الجامعات .. صراع العلم والغرائز

mainThumb

18-04-2010 12:19 AM

 هل أصبحت جامعاتنا ساحات للعنف، والتناحر والتناجش، والافتخار بالآباء والأجداد، وساحات لعرض الغرائز والبعد عن العقل والعلم الذي يفترض أن تكون هي راعيته، ما السبب وراء ذلك أهو الاختلاط كما يذكر البعض أم الفراغ الكبير الذي يعيشه الطالب في الجامعة من خلال نظام الساعات المعتمدة، أم الفراغ الفكري والثقافي وضعف التنشئة لدى الكثير من أسرنا، أم هو النمط الذي نعيشه على مستوى كبير في مجتمعنا من تعزيز للشر وأهل الشر سواء أكان التعزيز سلبيا أم ايجابيا، فالمجتمع الذي لا يأخذ على يد المعتدي بل بالعكس يعزز سلوكه بأن تذهب الجاهات للصفح عنه ومحاولة إخراجه من الموضوع بأقل الأضرار، ما يجعل هذا الشخص يتمادى في الشر ولا يستطيع أحد الوقوف في وجهه، بل قد يعتبره البعض بطلا ويبتعد آخرون عن طريقه اتقاء لشره ما يجعله قدوة لغيره من المراهقين الشباب ويفعلون فعله.

هذه الأسباب مجتمعة قد تكون وراء السلوكيات التي أصبحت تتكرر في الجامعات، فلو قدمت الجامعة لطلبتها غذاء فكريا يجعلهم يترفعون عن سلوكيات التناحر والافتخار الجاهلي، ويكون ذلك مركزا في السنة الأولى حتى يستطيع الطالب أن ينتمي إلى العلم والثقافة والى الجامعة لا إلى الشارع وما يعج به من دعوات وتهييج للغرائز.


فالظاهر أنه لا يوجد فرق ذو دلالة في الأغلب بين الطالب الجامعي والمراهق الذي لم ينه تعليمه الأساسي، غير العمر وبعض المعلومات التي لا تعدل سلوكا ولا تكوّن وجهة نظر في الحياة ، إذن ما لذي تعرض له الطالب الجامعي من عمليات تعليمية يجعلنا نصفه بطالب جامعي إذا كان يفصل بين العلم والغريزة، فهو صاحب تخصص لم يتقنه بشكل سليم جراء أجواء الجامعة التي تدعوه إلى الصد عن الانشغال بالعلم، والغريزة منفلتة لا يضبطها علم ولا أدب ولا تنشئة أسرية.


قد يعزو البعض أسباب ما يحصل في الجامعات إلى التفاوت في الحياة الاجتماعية أو المادية، وقد يذهب آخرون بعيدا إلى التنافس بين الطلبة ومعاملة الأساتذة لهم معاملة فيها من الظلم والإجحاف ما يوصل البعض إلى العراك، ولكن ما بال الذين يدخلون الجامعات زرافات ووحدانا يطلبون إشباع غرائزهم وهم ليسوا طلابا، كطيور البحر تجتمع على أسماك السردين، ويبدأ بعدها العراك، والشاب القادم فارغ بلا عمل وحتى الطالب فارغ بسبب نظام الساعات المعتمدة التي تعطيه وقتا مملا على مدار الأسبوع فهو يكثف برنامجه في يومين أو ثلاثة وباقي الأيام يحوم في الجامعة يبحث عن ذاته من خلال غريزته، ويبدأ النطاح ويدخل في هذه المهزلة أناس أبرياء بدافع الدفاع عن هؤلاء المغاوير الذين يجاهدون لرفع ذكرهم وعائلاتهم عاليا .


المشكلة تحتاج إلى مناهج جديدة في المدارس ، ورؤية جديدة للتعليم العالي تتناسب مع واقعنا الاجتماعي ، وليست مستوردة تطلق العنان للحرية غير المسؤولة في واقعنا الذي مازال محافظا، والقانون لا يحسم الأمور ويريح جميع الأطراف كما يريد المجتمع، ما يخلق أزمات بين الأسر ومكونات المجتمع.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد