.. أعط العامل حقه

mainThumb

02-05-2010 04:00 AM


رسم في ذهنه أحلام الثراء، وحاول أن يصنعها على الواقع، أراد أن يبني ثراءه بأي شكل حتى لو تجاهل الآخرين، وتعدى على حقوقهم، لم يتصور يوما أن الناس البسطاء يتكونون من نفس مادته، وأن لهم غرائز وحاجات يجب اشباعها وأن هناك بيوتا تنتظرهم في المساء وتطلب الكثير منهم! تجاهل عيون أطفالهم عندما تتعلق بهم تطلب شيئا ولا تعترف بأسبابه التي يعرضها، ...تجاهلهم واستقوى عليهم حتى أنه سلبهم جهدهم، أصبح يعتبره حقا له!. بدأ يبني بناءه الكبير الكبير ...



رسمه بكل ما تحوي نفسه من طمع وجشع وانتهازية، فأضحى البناء في ذهنه كبيرا بلا حدود كما طمعه بلا حدود، صار يرفعه حجرا حجرا مجبولا بعرق المعدمين ويسقي جدرانه آخر النهار بدموعهم بعد أن يحرمهم أجرهم بأي حجة تخطر له في تلك اللحظة، يطردهم لأنهم لم يعملوا كما يريد لذلك لم يستحقوا الأجر، يتوسلون دون فائدة، وقد لا يستطيعون الشكوى لعدم استطاعتهم مواجهة القانون الذي اخترقوا قسوته يوما طلبا للحياة، وإن علم الجشع ذلك استقوى عليهم أكثر ولم يعطهم من جهدهم شيئا، ومن لا يعجبه ذلك فليذهب للقضاء ذو الحبال الطويلة الذي ينكر أن حاجات الإنسان للحياة لا تنتظر،.... يفعل ذلك فينسحب الضعيف يدعو عليه ويتوسل الى الله، وينتشي هو بطمعه وعنجهيته، ويتجهم البناء حنقا عليه وتتململ أركانه.



كلما ارتفع البناء ارتفعت شكوى المساكين، وارتفع الظلم، وأُثقل البناء بهمهم وشكواهم ودعائهم، تتراكم الأوزار يوما بعد يوم، حتى خجل البناء من اتجاهه الى السماء وارتفاعه اليها بكل هذا الحمل من الذنوب والخطايا، فقرر أن ينحط من أعلاه الى الأسفل انتقاما لعرق المعدمين وانتصارا لدموع المساكين، فدوى صوته يشق صمت السكوت عن الحق وامتهان المساكين، والتعدي على حقوقهم فسخّم من الناظرين حوله بسخام الظلم.



لم يفهم أصحاب العقول والغرائز هذه المعاني! حتى جاء الجماد يصرخ في وجوههم:- أنا بكل قسوتي وطبيعتي الجامدة لم أتحمل هذا الظلم فكيف يتحمل هذا الشقي كل هذا، علّمهم الجماد أن الظلم يودي بصاحبه، وأن المظلوم سينصره الله، وأن الثروة التي تبنى من أقوات الضعفاء ستقتل صاحبها.....



أفضل شيء نقدمه للعمال إنصافهم وعدم الاستهانة بتعبهم، وإعطاءهم حقهم قبل أن يجف عرقهم، وتفهم واقعهم، فهم الأحوج الى المال من رب العمل، والأكثر حاجة الى ما يقضمه خنزير المال من حقوقهم، فالمال حتى ينمو لابد له من التقوى..



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد