التعليم العام في سنة الخصام .. ( مبادرات للسلام )

mainThumb

03-06-2010 06:41 AM

الغذاء والصحة والأمن التعليم، إنها المقومات الرئيسة لحياة هانئة في أي مجتمع من المجتمعات.ولكن التعليم يعتبر المقوم الأساسي في هذه الركائز الأربعة لما له من دور فاعل في باقي الركائز.            

فالغذاء إن لم يكن على أسس من المعرفة والدراية بحاجة الجسم المبنية على طبيعته وطاقته قد يسبب أمراضا ترهق في علاجها ويكفي أن نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر البدانة الكولسترول.وهذه الركيزة ترتبط ارتباطا مباشرا بركيزة الصحة والتي هي ضرورة لحياة اجتماعية نشطة ليكون المرء فاعلا في مجتمعه، والصحة ترتكز على عوامل المعرفة والثقافة المستندة إلى التعليم. أما الأمن وهي النعمة التي في بلدنا نحمد الله عليها فإن التعلم والتعليم يلعبان دورا بارزا في تنمية هذا  الأمر بل ويربطانه ربطا مباشرا في الانتماء ووحدانية الولاء.

لكن واقع العملية التعليمية في مدارسنا يمر بأزمة لا بد أن نجني في يوم ما ثمارها السلبية. فالمعلم بات يشعر بأنه واقفا على عتبات الفقر ـ وإن كانت قد تحققت بعض مطالبه مؤخرا ـ كما أن كرامته قد أهدرت من قبل بعض الطلاب الذين لا يدركون أن المعلم هو من يضع البصمات التي لا يمحوها الزمن عن جباههم وهو الذي (المعلم) مهما علا الطالب وتطور ومهما حمل من شهادات علمية وما بلغ من مراكز قيادية إلا أن المعلم  يبقى صاحب الفضل الأول وهو من بنى الخلية الأولى في طريق مجد هذا الطالب.   

وأمام هذه التحديات ومع تطور الحياة واتساع حلقة متطلباتها إلا أن المعلـم  ما زال قابعا  تحت وهدة الحاجـة وتلاشي الذات.

ومنذ أشهر خلت أصبح هناك حراك فعلي لدى المعلمين رغبة في الخروج من هذه القوقعة  وحبا في فرض الذات في مجتمع أصبح يشير للمعلم بالبنان على أنه ذلك العضو في المجتمع الذي لا يكاد يؤمن الحد الأدنى من حاجياته وأن مهنته أصبحت لا تطعم خبزا. ألا أن الأمر رسميا أخذ بمعيار التحدي فاتسعت الفجوة وغابت معايير التفاهـم رغم المؤتمرات والندوات التي تناولت هذا الموضوع والدليل هو استمرار الاعتصام والإضراب بين الفينـة والأخرى في هذه المنطقة أو تلك والتي  لا يدفع ثمنها إلا طلاب أبرياء.

وإنصافا للمعلم نقول: ما هو المانع من تأسيس نقابة للمعلمين تعنى بالوقوف على شؤونهم وتنظر أمورهم أسوة بباقي المهنيين؟ أتنظيم مهنة سائقي السيارات (مع احترامنا للجميع فالكل في دور العمل والبناء) وغيرهم أهم  من تنظيم مهنة المعلمين في إطار نقابي يقوم على دراسة أوضاعهم ويتولى التنسيق الفعلي بينهم وبين مؤسسات الدولة ؟.

ثم أن تساؤلا يطرح نفسه ألا وهو من المسئول عن فوات المنفعة التي ألمت بشريحة كبيرة من هذا المجتمـع وهم الطلاب؟ أنلقي اللوم على معلم أصبح يشعر بالنقص تجاه طالبه الميسور الذي بات لا يستطيع أن يجاريه في مصروفة الشخصي أو ثيابه؟أم أن اللوم يلقى على الطالب الذي بات يجدها مسرحية مسلية فبدل الذهاب للمدرسة أصبح يذهب آملا في هذا اليوم أو ذاك إلى دواوين الخلاف الدائر بين المعلم والمسئول؟.وباختصار جد شديد من الذي يدفع الثمن؟؟؟  

لقد عشنا ردحا من الزمن يدفع فيه الطالب رسوما مدرسية رغم أن الإجراء كان غير دستوريا ومخالفا لنـص المادة(20) من الدستور الأردني والتي جاءت لتقرر مجانية التعليم الإلزامي في مدارس الحكومة.وكان الطالب الذي يتأخر عن دفع هذا الرسم يرجع خائبا لولي الأمر. إلا أن مليكنا أطال الله في عمره قد تدخل شخصيـا لحل هذه الأزمة الدستورية فأصدر إرادته الملكية السامية بإلغاء هذه الرسوم والتي كانت تسمى تبرعاتا ولكنها في الواقـع والممارسة هي خاوة على خلاف المنطق والقانون.

لماذا لم نجد خلال تلك السنين التي خلت مسئولا واحدا عنى بواقع هذه الممارسة وكلف نفسه بأن يضع نـص المادة(20) من الدستور موضع التنفيذ الفعلي أسوة بهذه الرغبة الجامحة في التلكؤ عند رغبة المعلم في تأسيس نقابتة المهنية؟

وتنص الفقرة (2) من المادة(6) من الدستور على أن :"تكفل الدولة العمل والتعليم ضمن حدود  إمكانياتـها وتكفل الطمأنينة وتكافؤ الفرص لجميع الأردنيين". وعلى هدي من نص هذه المادة هل كفل التعليم الإلزامي هذا العام ؟ هل كفلت طمأنينة المعلم ؟ هل فرص المعلمين متكافئة مع أقرانهم الذين عاصروهم على مقاعد الدراسة الجامعية في تخصصات الطب والهندسة وغيرها؟

هذا عام مضى وها هي بلدنا ترقب حصاد العملية التعليمية في هذا العام،وها هو معلمنا يرقب تطور الحال وينشد مسئولا إنصافه.في الوقت الذي يرقب فيه الشارع الأردني الوصول إلى حل لهذه الأزمة.ولكن يبقى ثمة أمل يحدونا في معلمينا، واقترح متواضعا أن تتبع طريقة تبادل الأدوار إن هناك رغبة مستقبلية للمعلمين في إيصـال صوتهم  ـ آملا بأن لا تدعو الحاجة لذلك وأن يحل هذا الخصام  بأقل التكاليف ـ وهذه الطريقة تتجسد بأن لا يتغيـب أو يمتنع كل المعلمين عن حصصهم بل أن يخصص يوم لغياب معلم اللغة العربية مثلا وهنا يشغل معلم التاريخ غياب زميله في إعطاء حصص التاريخ مكثفة وهكذا الحال عند غياب معلم التاريخ. فحال خير من حال وألم اخف من ألم وجرح أقل إيلاما من جرح وإن كان الطالب قتيلا والمعلم مقتولا.

ويبقى أن نناشد أولياء الأمور  في أن يعيدوا للمعلم هيبته من خلال رقابة سلوك أبنائهم في المدارس بالمتابعـة الحثيثة لهم والتواصل مع المعلمين وذلك درءا لكل إساءة غير محمودة للمعلمين فالإحسان يجب أن يكون جزاءه الإحسان.


ومقالة متواضعة حصرت في سطور لا تكفى للحديث عن الوجع ، لكن الألم استشرى، وتناول كل الضمائر الحية وفرحت له كل ضمير خبيثة، ولم تعد مشكلة البيت حصرا عليه بل أنها امتدت إخبارها لتصل إلى مسامـع الجيران، وكل خلاف يحل بالود والمعلم ابن هذا البلد كما هو الطالب.فلنحل المسألة ونضعها في ذاكرة النسيان،

كي يقف الأمر عند هذا الحد ولنمنع أي بعد آخر للموضوع قد يكون من شأنه المساس بوحدة وأمن بلدنا الغالي فاليقظة مطلوبة والحذر ضرورة ووطننا حقيق به كل اهتمام منا.     


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد