مع انتشار الظاهرة .. الانتحار حلا أم مشكلة ؟

mainThumb

08-06-2010 01:36 AM

لا نعرف إن كانت ظاهرة الانتحار أو الشروع فيه مشكلة على الصعيدين الفردي والاجتماعي أم حلا على الصعيد الفردي عند من يقدمون عليه. فهذه الظاهرة أو الشروع فيها أضحت من الظواهر التي تستحق التوقف والتصدي والبحث بل والعلاج.

وبداية نود أن نعرج على خطة المشرع الأردني في هذا الموضوع. فالمشرع الأردني لم يجّرم الانتحار كما انه لم يجّرم الشروع في الانتحار لا في صورة الجريمة الخائبة ولا في صورة الجريمة الموقوفة شأنه في ذلك شأن أغلب التشريعات العربية والأجنبية على أساس من أن من تهون عليه نفسه فهو ليس حقيق بالحماية الجنائية. ولكن المشرع الأردني وفي قانون العقوبات قد جّرم التحريض على الانتحار والمساعدة عليه على أساس من أن تبعة المحرض(بكسر الراء) مستقلة عن تبعة المحرض(بفتح الراء) وان مسؤولية الأول تنهض حتى لو لم يفض التحريض لوقوع جرم  ذلك أن التحريض جريمة مستقلة أوجب القانون لها عقابا مستقلا عن عقاب الجريمة محل التحريض حيث نصت المادة(339) على أنه:

أ- من حمل إنسانا على الانتحار أو ساعده بطريقة من الطرق المذكورة في المادة (80)عوقب بالاعتقال المؤقت.
ب- وإذا بقي الانتحار في حالة الشروع عوقب ذلك الشخص بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين وتكون العقوبة  حتى ثلاث سنوات إذا نجم إيذاء أو عجز دائمين ".

أما الشرع الإسلامي الحنيف فقد حّرم قتل النفس بغير الحق واعتبر ذلك من كبائر الذنوب عندما حفظ الكليات الخمس الضرورية وهي الدين والنفس والنسل والعقل والمال. ونهى الإسلام عن قتل النفس إلا خطا وأوجب الدية والكفارة عند القتل الخطأ.

ولكن المتتبع للأخبار اليومية في بلدنا الحبيب لا بد وأن يلحظ أن هذا الموضوع قد أصبح حديث شارع بين الفينة والأخرى. فالأمر لم يقف عند حد أمر عارض حدث في زمان ما ومكان ما وانتهى، إنما الأمر أصبح محلا للتكرار بل أن ما يقلق في هذا الموضوع أن الانتحار أو الشروع فيه قد يتكرر لأكثر من مرة في اليوم الواحد وفي مجتمع آمن بالله ورسله وكتبه واليوم الآخر بل وبقضاء الله وقدره حلوه ومره.

وقد عزا المركز الوطني للطب الشرعي أسباب انتشار هذه الظاهرة إلى زيادة النمو السكاني والتغير الواقع في أنماط السلوك هذا بالإضافة إلى الظروف المالية والعاطفية وفقدان الدعم الاجتماعي .

وفي تقديرنا المتواضع فإن هذا الموضوع يدور وجوبا وعدما مع اختلال العامل الديني والضغط العاطفي والنفسي  وفقدان الدفء الاجتماعي  وانتشار ظواهر الكذب والخداع والنفاق والمجاملات المبنية على الغش  هذا بالإضافة إلى عوامل الضغط المادي الناجمة عن عدم التوازن بين متطلبات الحياة وفاتورة تكاليفها وبين مستوى الدخل الفردي الأمر الذي يؤدي إلى الإحساس بالعجز.

فالمواطن أصبح يدور في عجلة المجتمع الذي لا يؤمن بالحياة إلا أرقاما، وأخذ الصراع بين الناس مفهوم صراع الذين يملكون ولا يملكون. فالفتاة تعذل عن الزواج ممن تحب لأنه من طبقة اجتماعية أدنى والشاب يتخلى عن فتاة أحلامه لأنه لا يكاد يؤمن الحد الأدنى من ضروريات الحياة إن هو تزوج،وهذا زيد يدعي صداقة عمر تحت وطأة المصلحة، وذلك مظلوم ينزله أبناء مجتمعه إلى الدرك الأسفل من درجات الظلم لأن خصمه فلان فخصمه يملك وهو الأحق بالمجاملة. ولا شك أن كل ذلك-  ومع اختلال الوازع الديني – يجعل الفرد واقعا في دائرة الضغط النفسي والتي معها وفي الوقت الذي لا يجد من يشكوه همه  يقبل على تصرف لو كانت له من الإرادة الحرة ما أقدم على ما أقدم عليه وما اقترف لما اقترفه.فإرادة من يقدمون على هكذا أفعال منعدمة أو في حدها الأدنى معيبة ومنتقصة.

وإذا كان القارئ الكريم يؤيدني فيما سلف فإن العلاج يكمن في تكامل العلاقات الاجتماعية المبنية على الود والبساطة والاحترام والتواضع والعطف والانسجام المبني على قناعة أن الحياة ما هي إلا محطات سفر ولا بد يوما للرحلة أن تنتهي. كل هذا مع اهتمام  رسمي ودراسة لرفع مستوى الدخل الفردي ليعم كافة شرائح المجتمع ولا يقف الأمر عند فئة معينة أو مهنة أو أخرى. فالإنسان الأردني وكما علمنا الهاشميون هو الثروة الحقيقية في بلدنا الحبيب.بهذا فقط نستطيع وقف نزيف بشري مصيره النار.والله من وراء القصد.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد