أزمة مع الحكومة أم مع الوطن؟ فهمونا

mainThumb

27-08-2010 08:00 AM


لن أقف موقف المدافع عن هذه الحكومة أو غيرها ولكني فقط أفكر بصوت عال واسأل هذا السؤال البريء وهو: هل ما يجري على ساحة أردننا الغالي تأزيم ضد الحكومة أو ضد الوطن؟ أراهن لو أن هذا السؤال طُرح على أي جهة من جهات المعارضة لأجابت فورا ودون تفكير :طبعا ضد الحكومة فنحن كلنا مع الوطن والوطن لا يمكن اختزاله بأشخاص؛ هذه الحكومة هي التي عملت كذا وكذا ....الخ. وربما يضيف أن هذه الحكومة (بتفرق) عن كل من سبقها من الحكومات.



وبهذه المناسبة أسال السؤال نفسه عن الحكومات السابقة منذ انبلاج عهد الديمقراطية الذي أطلقه جلالة المغفور له بإذن الله الحسين بن طلال طيب الله ثراه. كيف خرجت حكومات السادة (مع حفظ الألقاب طبعا) نادر الذهبي, وعلي أبو الراغب وعبد الرؤوف الراوابدة وسمو الأمير زيد بن شاكر وطاهر المصري والبدرانين وأحمد عبيدات وعبد الكريم الكباريتي وريد الرفاعي؟ كلها خرجت نتيجة احتجاجات ظاهرها شعبي وباطنها حزبي, وبنفس المنطق وهو أن (هذه) الحكومة يتفرق عن الحكومات السابقة.



هذا يعني استنتاجا أن هذه الفئات رافضة لكل حكومة تأتي بغض النظر عن رئيسها وهذا أيضا يجعلها في صف التأزيم ضد الوطن,. أنا هنا لا أدافع عن أحد ولكن ليس من المعقول أن لا تأتينا طيلة هذا العمر من الدولة الأردنية حكومة وطنية يرضى عنها الشعب أو (المعارضة), وليس من المعقول أيضا أن ننتظر حتى تذهب الحكومة وتأتينا أخرى لنقول: لا لا (عمو) هاي حكومة ما صار مثلها, أو كما جاء بسواليف الزعبي: (قديش صار عمري!! ) مثل هالحكومة عيني ما شفت.



لا ننكر حق كل مظلوم بالمطالبة بحقوقه, ولكن قللي بربك : من أين نأتي بحكومة تحقق الرضا بشكل كامل, إذ لا يعقل أن يتم تفصيل الحكومة على مزاج سكان الأردن كل على حده. من حق أي جهة أن تطالب بتشكيل الحكومة ولكن هل لو أعطي حزب جبهة العمل الإسلامي الفرصة ليشكل الحكومة هل سينجو من الانتقادات؟ هل سيخفض الضرائب مثلاً؟ هل سيلغي قانون الصوت الواحد في الانتخابات؟ أم هل سيحقق التيار الوطني الإجماع الكامل ؟؟ لا بل أنني أسأل هذا الصحفي أو ذاك ممن يسن قلمه داخل الوطن أو خارجة جازراً للحكومة هل بمقدوره هو ومن (يردّف له بالتعليقات بأحسنت وأبدعت وبصاحب القلم الجريء ) أن يديروا البلد بحكومة نحقق الرضا التام؟ أجزم أنهم عندها سيحدثوننا عن سياسة فن الممكن والالتزامات الدولية والقدرة المالية المحدودة للبلد وعدم الرغبة بترحيل المشاكل. يجب أن نضع أنفسنا مكان من ننتقد قبل أن ننتقد.



الطلب الذي يطلبه الجميع هو الحوار, وطبعا كل حوار تقيمه الحكومة مع أي طرف سيرفضه الطرف الآخر باعتبار انه هو الأكثر شعبية أما باقي الأطراف فهي لا تتمتع بقاعدة جماهيرية, ولذلك فهو الوحيد صاحب الحق بالحوار معه. إن مهمة الحكومة هي إدارة البلد واضعة نصب عينيها البلد كل البلد بكل أحزابه وأطيافه, وتسعى لرضا الناس جميعا, وليس رضا فئة دون غيرها, ولكن رضا الناس كما تعلمون غاية لا تُدرك.



طلب مني أحدهم (متهكما) ردا على تعليق علي على مقال لأحد الإخوة أن (أنوّر بصيرته) بمزايا هذه الحكومة فأجبته " ياسيدي لا يوجد في هذا العالم شيء سيء مائة بالمائة, إذ لابد أن يوجد فيه بعض الخير في هذا السيئ أو ذاك الشرير, والفرق بيني وبينك (بينه هو ) هو أنني أحاول إن ابحث عن النقطة المضيئة", وفي هذا المقام أضيف " وحتى أصدّق أن فلانا أو علانا ليس ضد الوطن فإنني أطمع بأن أرى منهم مقالاً واحداً منصفاً ليكونوا متوازنين وغير منحازين. أما افتراض السوء من قبل أن تباشر الحكومة ( أي حكومة بالمناسبة) لمجرد أن فيها فلان أو علان فهذا يدل على نية مبيته لغاية في نفس هذا أو ذاك. لقد قامت هذه الحكومة ومن أول يوم لها باقتطاع 20% من رواتبها دعما لصندوق الفقر وأضافت 10% أخرى بهذا الشهر الفضيل, هل فعلت أي من الحكومات السابقة هذا من قبل؟ لقد كتبت مقالا عند تشكيل هذه الحكومة بعنوان "ميثاق شرف وطني" طالبت فيه أن نلزم أنفسنا بميثاق وهو أن نعطي الحكومة (أي حكومة) فرصتها قبل الحكم عليها, في حين أن أحد الكتاب الكبار عاجلنا بقوله أنه لن ينتظر المائة يوم ليحكم على الحكومة.



وفي الختام نؤكد على بياض وجه الأردن ولن يسوّد وجهه مقال من هذا أو ذاك يُنشر في هذه الصحيفة أو تلك حتى وإن كان يتحدث عن مواضيع موجودة فعلاً, فنحن كباقي الدول و لا ندعي الكمال فالكمال لله وحده, ولكن أنظر حولك لترى أننا هنا في الأردن لا نأتي بآخر القائمة. لذلك هذه المقالات ستسود وجوه كاتبيها أما وجه الأردن فهو دائما وبعون الله أبيض, وسيبقى أولاً إن شاء الله.

alkhatatbeh@hotmail.com

alkhatatbah.maktoobblog.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد