إحياء "دور المعلمين" بين يدي معالي الوزير

mainThumb

21-09-2010 06:00 AM

   
لا أنوي الحديث عن نقابة المعلمين ولا عن قرارات الاستيداع, إنما هي تهنئة لمعالي وزير التربية والتعليم وللسادة الزملاء المعلمين وأبنائنا الطلاب بالعام الدراسي الجديد, هذا أولا وثانيا لبث بعض الهمِوم المتعلقة بعملية التدريس وكفاءة المعلمين وخاصة بعد أن سمعنا عن نية الوزارة مليء شواغر النقص بطلاب السنة الرابعة من الجامعات في المدارس. وعند سماعي بهذا الخبر سألت نفسي: لماذا نشترط أن يدخل الكلية العسكرية من يريد أن يصبح ضابطا في الجيش, أو كلية التمريض بمن أراد أن يصبح ممرضاً؟ وعندما يتعلق الأمر بالتربية والتعليم نشترط القراءة والكتابة فقط لمن أراد أن يصبح معلماً؟ إن إلحاق طلاب الجامعات بسلك التدريس هو من هذا القبيل. هل هذه المهن وغيرها مما لا يتسع المجال لذكرها أكثر أهمية من التعليم؟



بدأت حياتي معلماً في وزارة التربية والتعليم, وأكاد أجزم أن مهنية المعلم قد انحدرت منذ أن تقرر إلغاء "دور المعلمين" كونها كانت الحاضنات التي تخرج المعلمين. و لمن لا يعرف دور المعلمين ( ولا أتحدث هنا عن كليات المجتمع فهي موضوع آخر) فهي معاهد لتخريج المعلمين فقط, يتلقى فيها الطالب المعلم ( هكذا كان لقبه, فالطالب معلم من يوم دخوله المعهد) أسس التدريس وأساليبها ومناهجها كونه سيكون معلم مرحلة إلزامية وخاصة الابتدائي, فطالب الابتدائي ليس بحاجة لحامل دكتوراه ليدرسه وإنما بحاجة لمن يفهمه ويُفهّمه.



كان التركيز في مناهج هذه المعاهد على التدريب ولذلك كانت هناك مدرسة خاصة تلحق بالمعهد وتسمى مدرسة التطبيقات يتنافس الناس على إرسال أولادهم إليها لما فيها من أجواء تربوية صحية. فيمارس الطالب المعلم دوره فيها من أول يوم دخوله للمعهد, إضافة للمواد الأكاديمية التي يتلقاها. كانت تتوزع حصص التربية العملية بين حصص المشاهدة في الفصل الأول إلى حصص تدريسية تحت إشراف المعلمين بالفصل الثاني , أما الفصل الثالث فكان يطبق الطالب المعلم ببلده على اعتبار أنها بيئته التي سيعود إليها والفصل الرابع يوزع من المعهد على المدارس عشوائياً باعتبار انه أشتد عوده وأصبح قادرا على التحليق تربويا في أي مدرسة.



أما عن اختيار المدرّسين الذين يدرّسون في هذه المعاهد (وقد كان لي الشرف أن أكون منهم ذاتي يوم) فلم يكن عشوائيا, لا بل كان ضمن أسس صارمة تضعها وتشرف عليها وزارة التربية , هذه الأسس تشترط الخبرة التربوية في المدارس ولهذا كانت تفضل من عمل بالإشراف مثلا, وكذلك اشترطت لاحقا المؤهل التربوي. لقد كان مدرس المعهد يخضع كذلك لمقابلة كالتي يخضع لها من يتقدم لوظيفة مشرف. وكثيراً ما كان يُسأل في مواضيع شتى أهمها الجانب التربوي. ولكن لم يحدث أبدا أن تخرج الطالب من الجامعة بشهر حزيران ليعود بشهر أيلول إلى الكليات مدرسا كما يحصل منذ إلحاق هذه الكليات بوزارة التعليم العالي.



لهذا أرى أنه لا بد من الرجوع إلى هذه المعاهد( التي تم التفريط فيها والتبرع فيها لوزارة الصحة كما هو حال كلية حواره ذات التاريخ العريق) لترفد الوزارة باحتياجاتها المستمرة من هذا الكادر المهم, ولا باس أيضا بتطوير هذه المعاهد إلى كليات تربية خاصة بالوزارة لتخريج معلمي المرحلة الثانوية بمختلف التخصصات.



وحتى ينجح هذا الاقتراح فيجب أن يعطى خريجو هذا المعاهد والكليات الأولوية بالتعين ولا ينتظروا دورهم من ديوان الخدمة المدنية لأنهم أبناء التربية وهم معينون بالوزارة من تاريخ التحاقهم بهذه المعاهد والكليات, ولا باس من أن يعطوا منحا شهرية كمصروف جيب مقابل التزام الخدمة. وبهذا سيكون مليء الشواغر التي تنتج عن المتقاعدين والمعارين والمجازين سنوياً و لا ننتظر أن يحول لنا ديوان الخدمة المعينين لنكتشف أن معظمهم لا يرغب بالتدريس وجاء مرغماً لأنه لم يجد فرصة أخرى.



يجب أن يكون لوزارة التربية روافدها الخاصة بها شأنها شأن كل الوزارات ذات الطابع المهني حتى تصبح مهنة التعليم مهنة أكاديمية تربوية وليست مهنة من لا مهنة له.


Alkhatatbah.maktoobblog.com

alkhatatabah@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد