مرشحون في دائرة الأحلام

mainThumb

10-10-2010 12:52 AM

لم يتعلم مجتمعنا إلى الآن التعامل مع الانتخابات بطريقة صحيحة، تقربهم من الواقع وتجلي لهم الحقيقة، فلم تُقدم مجموعة في يوم من الأيام على طرح مرشح يقتنعون به ويتوسمون فيه الخير ويتأكدون أنه الشخص الذي يخدم البلاد ويدافع عن حقوقهم ويقصرونه على الترشح قصرا لأنه خيارهم، بل يتركون ذلك للأشخاص كي يقدموا أنفسهم للناس بناء على أطماع أنفسهم ومصالحهم الشخصية وهذا قد لا يعجب الكثير فيقفون من المرشحين مواقف باطنية، وحجتهم في ذلك أنه لو صارحته لغضب مني! هو يريد مني أن أخدعه!! ودليل ذلك أن تجار الانتخابات وبهلواناتها معروفون عند الجميع وكل دورة يمارسون الدور نفسه ومع ذلك يتقرب منهم المرشحون كي يسمعوا كلاما يسرهم ولو للحظات في واقع لا يسرهم.


الغالبية من المرشحين تلتف بهم دائرة من المشجعين والمريدين يدفعونهم لخوض غمار التجربة ويزرعون فيهم أمل النجاح، ويمنونهم ببريق الأضواء ويرفعونهم إلى قمم الشهرة والمال والسعادة، ليس من أجلهم بل من أجل أن يعتاش المتطفلون عليهم مدة من الزمن حتى تنتهي الانتخابات، ثم يبحثون عن باب آخر يعتاشون منه شبيه بباب الانتخابات.


انتخاباتنا من حيث استطلاعات الرأي العام تمتاز بأنها لا يمكن التنبؤ بنتائجها على مستوى الدائرة و على مستوى المحافظات ولا عليها كلها برمتها من حيث الأشخاص الناجحين، لأن أنماط المجتمع التي تقوم على المجاملة وإرضاء الجميع وعدم المصارحة، تجعل المرشح يعتمد على دائرة الأحلام التي تصور له الواقع شيئا آخر وكل الدنيا تسير على هواه، والمنافسون يتهاوون أمامه، والمرشح المسكين أسير لمجتمع يحجب عنه المعلومات الصحيحة ولا هو يقيّم نفسه لنفسه ولا يحاول تذكر نفسه ولو ليوم مضى، ويعرف كيف كان يتعاطى مع الناس الذين يطلب مساندتهم، ودائرة الأحلام تنسج له أحلامه معتمدة على نقص المعلومات وتشويشها لديه ولأنهم لا يفارقون المرشح ويظلون حوله، يحركونه وفق مصالحهم الآنية، ويوهمونه أنهم يعملون لمصلحته، وأنه مازال في المقدمة.


وتظل دائرة الأحلام ترفع المرشح حتى يوصلوه إلى عنان السماء فلا يعود يرى من الأرض شيئا، ثم عندما ينتهي دورهم ويأتي دور الناخبين، وتظهر النتائج تتخلى دائرة الأحلام ويفقد الدعائم ويهوي من عليائه إلى صخرة الواقع الذي بناه على مدى أيام حياته، ويكتشف أنه أفاق من أحلامه على كابوس مفزع يسمى الواقع الذي حجبته عنه دائرة الأحلام ليس من أجله ولا من أجل مصلحة البلاد والعباد، ولكن من أجل مكاسب لهم قضوها وانفرط عقدهم.
المفارقة العجيبة أن بعض المرشحين يدخل دائرة الأحلام عدة دورات برلمانية، وفي كل دورة يوهمونه أنه في المقدمة وأن ظروفا غير طبيعية أبعدته عن المجلس.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد