علم الفراسة والانتخابات

mainThumb

01-11-2010 06:32 AM

علم الفراسة والانتخابات

كثير من الكتاب قرأوا عبارات المرشحين وناقشوها واستفاضوا فيها، وذهب آخرون إلى أبعد من ذلك إذ قرأوا الوجوه وكيف لعبت برامج تحرير الصور بها وأرجعت بعضهم إلى عشرات السنين، وأضافت لآخر بعض الوسامة التي فقدها أو غادرته منذ زمن، حتى أن بعض الظرفاء ظن أن هذه التعديلات على الصور قد تكون قصدا من المترشح ليهرب من المواطن إذا طلبه خدمة بعد النجاح حيث أنه لن يعرف المترشح عندما يراه على حقيقته لبُعد ما بين الصورة والحقيقة.

ولكثرة تزاحم الصور علينا في الشوارع والمواقع الإلكترونية والصحف وفي الفضائيات أصبحنا نتفرس في الوجوه ونراقب العيون التي ترقبنا في كل مكان معاتبة أو راجية أو متعالية بما تملك ، ونحلل الابتسامة والهيئة وما وراء كل ذلك!.

ولكن البعض وصلوا إلى أبعد من ذلك فقد أصبحوا يتفرسون في العيون ويعرفون العيون الجادة والضاحكة والناعسة والساهمة والمتفاجئة والمتأملة، عيون تناديك ومنها من تتوعدك وتبعدك عنها، منها الشاردة ومنها المحدّقة، حتى تكاد هذه العيون تأسرك وتنسيك الشارع وقيادة سيارتك فتغرق فيها وتغيب عن الواقع حولك فلا يوقظك من غرقك بها إلا زامور غاضب يصاحبه صوت سائق يكاد يتفجر من الغيض عليك والزامور طبعا يغلف لك "مسبة" ويقدمها من خلال نظرة حاقدة، هذا التأمل في العيون وإطلاق حكم على المترشح سلبيا أو إيجابيا هو فراسة.

والفراسة علم عربي قديم كعلم القيافة " اقتفاء الأثر" الذي كانت تمتاز به بعض القبائل العربية، وهذا العلم "الفراسة" يعرف صاحبه من خلال تفرسه في وجه الشخص الذي يريد أو في عينيه، كل صفاته أو حتى أمورا تتعلق بتاريخ الشخص المطلوب ومستقبله وإعطاء حكم على الشخص، وهذا العلم للأسف اندثر في الزمن الحديث، كما أهملت علوم كثيرة من علوم الأقدمين نتيجة للحداثة.

المهم في الأمر أن المواطن صار يستخدم هذا العلم من خلال تزاحم الصور عليه في كل مكان ومناجاة العيون التي ترقبه في كل مكان يدخله، فصار ينتقي المترشحين الناجحين وينتقي المترشحين الراسبين "في رأيه" من خلال علم الفراسة الذي تعلمه من غير معلم!! فقط من خلال تزاحم الوجوه عليه كل أربع سنوات، فنظرة واحدة للمواطن في عيني المترشح وفي تقاسيم وجهه يعطيه النتيجة، فالوجه التالي ذو العينين الجادتين راسب، والوجه ذو النظرة الساهمة ناجح، وصاحب الابتسامة التي أغلقت العينين راسب!! وهكذا الانتخابات أعادت لنا وللمواطن دون أن يدري علما عربيا قديما بعدما اندثر.....

صابر العبادي



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد