حكاية أردنية " صاحب الرًّحل"

mainThumb

20-03-2011 08:25 PM

 روى لنا أجدادنا حكايات كثيرة تصور واقعا قد ينطبق على واقعنا على سبيل المثل، لنقتدي بالصحيح منها ونحاول التعلم من أخطاء وقع فيها السابقون وعلينا أن نتعض بما حصل لهم ولا نحذو حذو من أخطأ، لأنهم فقدوا أشياء كثيرة نتيجة خطأ أو غفلة، أو سوء تصرف.

ومن الحكايات التي رويت عن أجدادنا حكاية صاحب الرًّحل – والرحل هو ما يوضع على ظهر البعير للركوب- ومفاد القصة: أن رجلا انقطع في الصحراء وبلغ به التعب والجوع مبلغه، وكان من شدة الجوع يحلم بالطعام وبمعجزات قد تحصل له وتنقذه قبل أن يقضي عليه الجوع والتعب، فكان يفكر في غزال يصطاده أو صيد سمين يعرض له ويتمسح به.. ويقدم نفسه له قربانا على ما قدم في الأيام الخالية كنوع من العناية الإلهية، وذهبت به الأحلام والآمال مذاهب شتى حتى كاد يرى نفسه يمسك الصيد بيده مشويا.



وبينما هو منهمك في أحلامه منحنيا على ظهر ناقته، يكاد رأسه يلامس الرًّحل من شدة تعبه وانغماسه في أحلام اليقظة، إذ لاح له أرنب بين أشواك الصحراء! فتهلل فرحا وشعر أن أحلامه ستتحقق وإن كان الأرنب ليس كالغزال، وراح ينشد ويغني رافعا صوته الذي أخمده الجوع والتعب طويلا، وأناخ ناقته بسرعة وهو ما يزال ينشد أناشيد الفرح والابتهاج بهذا الحدث العظيم الذي حدث له في هذه الصحراء، فاحتار كيف له أن يشوي الأرنب ويأكله في هذه الصحراء الفقيرة بالأشجار ومن أين يأتي بالحطب؟؟ التفت حوله ولم يجد غير شجيرات شوكية صغيرة لا تصلح للوقود ولا تنضج شواء....



فكر في حل لهذه المعضلة فهداه ذكاؤه إلى أمر عجيب!! فقال: بما أن "رحل الجمل" فيه خشب لماذا لا أستعمله في شوي الأرنب؟ فعمد إلى الرًّحل ومزقه وأخرج الخشب منه وكسّره وأشعل النار به لتكون مأوى لصيده السمين، ذاك الأرنب الذي رآه منذ لحظات يتقافز بين الشجيرات، اطمأن على أوار ناره وأسرع إلى حيث رأى الأرنب فلم يجد شيئا، بحث عنه كثيرا ولم يعثر له على أثر، وصار يضرب كفا بكف على أحلام كانت في يده ثم ولت ولم تتحقق، بكى من سوء طالعه، وندم على الفرح الغامر الذي اجتاحه عند رؤية الأرنب وعلى حماقته حين أسرع في تقدير الأمر وكسّّر رحل الجمل وأشعل به النار قبل أن يتحصل في يده شيء على قلّته... أدرك بعد فوات الأوان أن من لم يقتنص فرصته في وقتها يخسر ماضيه ومستقبله، وأصبحت قصته مثلا سائرا لمن يسرف في الفرح بشيء ويعظمه ويتصرف بما في يده على أمل ما قد يأتيه ولا يغتنم الفرصة السانحة...


صابر العبادي



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد