مواطنون يأخذون دور الحكومة

mainThumb

26-03-2011 03:37 PM

 
أوقف "بكبه" بسرعة أمام المدرسة.. ترك زوجته مندهشة داخل البكب وسحب "قنوته" من تحت الكرسي وخرج مسرعا منحرفا إلى اليمين سادلا يده خلف رجله ليخفي "القنوة" عن أي "حجيز" و يفاجئ الخصم إن ظفر به بضربة صاعقة، سار غاضبا يتكلم من بين أسنانه التي أطبقها من عصبيته وغيضه ...يتمتم بصوت مسموع: " أي هما ما ودهم يخلصونا من هالشغلة!!!" ...كان متجها إلى مجموعة من المعلمين اعتصموا ليطالبوا بحقوقهم حاول مهاجمتهم ليقصرهم على التدريس رغما عنهم، لولا أن اعترضه "حجيز" كان قد قدره مسبقا!! عاد معه دون عناء قائلا: إن لم تنتهوا سنضربكم وستدرّسون رغما عنكم....

مشهد قد تكرر في أكثر من مكان في بلدنا الأسبوع الماضي كرد من المواطنين على قيام المعلمين بالاعتصام في مدارسهم ليضغطوا على الحكومة للقبول بنقابة لهم، وهذا جعل المعلمين يشعرون بالاستغراب من هذه التصرفات، وقد أعاد النقاش والنظر في عمليتنا التعليمية برمتها من مناهج وغيرها، وهي التي أغفلت كيف يمكن أن نغير هذه السلوكيات النافرة مجتمعنا التي لم تتطرق إليها مناهجنا حتى تهذب النشء لتقبل الآخر ويتفهم وضعه ويحاول أن يتخلص من ذاتيته المغرقة التي تطغى على كيانه حتى أنها تصادر وجود الآخر..



نعم نحن فعلا بحاجة في هذه الأيام بالذات إلى ثقافة تفهم الآخر وعدم الاعتداء على كينونته ومصادرة رأيه، لماذا يريد كل شخص منا أن يحمل سيفا ليفرض به رؤيته ويتجاهل حقوق الآخرين، ولماذا يتصرف بعض الأشخاص وكأنه قذافي يهدد شعبه مع أنه لا يستطيع أن يأمر ابنه بأمر، ولا يعرف ماذا يريد المعتصمون من اعتصامهم وهو غير مستفيد من فرض موقفه بل هو في حاجة ماسة لأي تغيير يحسن من وضعه المادي والاجتماعي، وبحاجة أكبر لأن يتنسم عبير الحرية الذي ما اشتمه يوما ولا عرف له عَرفا..
 

هذه التصرفات التي يقوم بها البعض وكأنهم حكومة أو جهاز أمني قمعي يتوعد كل خارج من الحظيرة بالخسران المبين، بحاجة إلى حياة أخرى جديدة بالكامل، عمادها الحرية ويدعمها نظام تعليم حقيقي يصنع قيما جديدة كانت غائبة عنا وشكل غيابها انحرافات في سلوكات بعضنا حتى من الذين يعدون أنفسهم مثقفين ومتسلحين بكل فنون الثقافة، ومحاورين جيدين، وسياسيين ديمقراطيين لكنهم يتورطون بهذه التصرفات النابية التي تحولهم من أشخاص عاديين لا يملكون شيئا إلى زعماء أو رؤساء أجهزة أمنية قمعية.



الخطورة في هذا السلوك السافر أنه لا يجعل الآخر يتراجع عن موقفه وينثني عن فعله، بل يتعنت ولا يفكر بعقله أو بقضيته بل يتمادى بالمناكفة و"المداقرة" ونحن خير من "داقر" وتنّح " هدانا الله وإياكم إلى كل خير جنبنا وبلادنا كل مكروه..



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد