كبابنا أم كباب غيرنا

mainThumb

23-09-2011 11:30 PM

كلما ثارت زوبعة حول قضية معينة مع الدولة أبحث عن أصلها وفصلها، فأجدها تُصنف تحت باب كباب غيرنا لا كبابنا، فما هي قصة الكباب.

يُقال بالتراث أن أحدهم وبعد جلوسه مع العلماء الأفاضل أرتفع لديه الحس الديني و أصبح يحدّث من يجده بطريقه عن مختلف المواضيع في باب الحلال والحرام أو أي أمور أخرى يسمعها من أصحاب الفضيلة العلماء.

و ذات جمعة أتفق مع زوجته على طبخة كباب كغداء للعائلة.

 بعد الانتهاء من صلاة الجمعة أحب أن يعيد على أصحابه ما قال الخطيب عن حق الجار؛ و لأنه متحدث جيد أحب أن يوضح ما قاله الخطيب بالأمثلة، فقال لمستمعيه عن حق الجار : "يعني مثلاً إذا كنتم طابخين كباب فيجب أن تعطوا جاركم منها".

و تصادف أن كان ابن هذا المحدّث موجوداً وسمع ما قاله أبوه، فذهب إلى أمه وطلب منها الكباب كلها وأرسلها للجيران لأنه أحب أن يكون أكثر ورعاً وفقهاً من أبيه.

 و عندما عاد الأب سأل عن الكباب فأعلمته الزوجة بما فعل الابن. فقال الأب لابنه بعد أن علم السبب : يابا أنا (ما كنتش بسولف) عن كبابنا، بل عن كباب غيرنا. و هذا ما يحصل من أحداث تناقلها الأخبار، و أعني قضية استقالة العين معالي ليلى شرف، وتصويت النواب على عدم حل المجلس إذا حُل المجلس الذي سبقه.

بداية كلنا يذكر بالخير استقالة معاليها من وزارة الإعلام أيام حكومة دولة أحمد عبيدات احتجاجاً على سياسة الحكومة، وهللنا لها، ليتضح لنا كما جاء بمقال الأخ فايز الفايز أنها أُقيلت ولم تستقل لسبب معين ذكره في مقاله.

و لو افترضنا عدم صحة رواية الفايز، وأنها استقالت احتجاجاً على سياسة حكومة العبيدات فهذا يثير استغراباُ كبيرا حول دولته هذه الأيام، إذا كيف يكون رئيس وزراء تستقيل الوزراء احتجاجاً على سياسته كما استقال معالي طاهر العدوان من حكومة الدكتور البخيت، وكيف يقود الإصلاح هذه الأيام.

 لكن لو قفزنا عن هذه باعتبارها عارضة وليس موضوع النقاش لتوقفنا عند نقطة أخرى وهو أن معاليها عضو بمجلس الأعيان منذ زمن بعيد و كذلك ليست المرة الأولى التي تكون فيها عضو بهذا المجلس الكريم، ولو افترضنا أن هناك فساداً (وشوشها به سعادة محافظ البنك ابنها فارس) لاستغربنا من العين الثائرة زمان أن تسكت عن هذا ولم نسمع عن تصريح احتجاجي على هذا الفساد المزعوم، لكنها تثور وتستقيل فقط على هذا الفساد لأن ابنها أُقيل.

هذه القصة تُصنف تحت كباب غيرنا لكن إذا اقترب أحد من كبابنا نثور. ماذا سيكون موقفها لو افترضنا أن دولة البخيت عالج القضية على (السكّيت) وصدر قرار بتعين السيد فارس شرف وزيراُ: يعني من البنك للوزارة هل كانت ستثور وتستقيل؟ هل سيصدر عنها تصريحات كالتي نسمع؟ هل كانت ستقول أنها دولة فاسدة؟ ما يحدث من (فساد) بالبلد إنما تراكم سنوات لكن معاليها تذكرته فقط هذه الأيام.

 لماذا نتحدث عن المثالية والإخلاص و نقصد كباب غيرنا، لكن كبابنا ما عليها حكي. هنا لا بد من تطمين معاليها بأن كبابها لن يقربها أحد وستدور الأيام وسنجد السيد فارس وزيراً، وعندها طبعاً لن تكون البلد فاسدة.

نحن نكن لدولة المرحوم عبد الحميد شرف احتراماً لنزاهته، ونترحم عليه لأنه أول من دق ناقوس الخطر بالنسبة لموضوع النفقات وضرورة ضبطها من أيام السبعينيات، فالمرحوم و تاريخة خارج نطاق الحديث هنا.

أما القضية الثانية هي أحدى النقاط الجوهرية بالإصلاحات الدستورية وهي حل المجلس؛ فمجلسنا الكريم إضافة طبعاً إلى بعض الممارسات التي تنغص علينا فرحتنا بالتعديلات الدستورية كغياب بعض أعضائه عن التصويت في مرحلة مفصلية بتاريخ الأردن، و كذلك تهريب النصاب كما جاء بالأخبار فجاءنا المجلس بموضوع عدم الحل هذا؛ بمعنى أنه يريد أن يضمن لنفسه البقاء إلى نهاية المدة وهو يعلم أن حله مطلب جماهيري على مستوى الوطن الذي يريد أن يبدأ ببداية صحيحة بدستور وحكومة وبرلمان جديدة.

عندما نسمع تصريحات السادة الأعضاء و مناقشاتهم نفرح، ولكننا نلاحظ أنه كلما اقترب النقاش من كباب السادة النواب أصبحوا على قلب رجل واحد بهذا. لماذا لا يتخل السادة النواب عن بعض حقوقهم تلبية لطلبات الجماهير، أم أنهم يعرفون أنهم إذا خرجوا من تحت القبة فلن يعودوا إليها.

هذا الأسبوع قادني الريموت كنترول إلى قناة الجزيرة التي لا أشاهدها إلا أثناء تقليب الريموت، فتوقفت عن برنامج الاتجاه المعاكس لأن الدكتور فيصل القاسم كان يناقش موضوع سوريا، و هذا كان من المستحيل أيام الوفاق القطري السوري.

 شعرت بالفخر والاعتزاز عندما صرخ القاسم بوجه السيد عبد المسيح المدافع عن النظام السوري قائلاً: " لك بدنا 50 سنة ليصير عنا برلمان زي اللي عند جيرانا بالأردن، وبدنا 100 سنة ليصير عنا صحافة زي الأردن"، هنا قلبت عن الجزيرة وشعرت أننا نملك في هذا البلد ما يحسدنا عليه الآخرون، ولا أدري أن كانت القناة ستمسح هذه العبارات لاحقاً أم لا.

جهود إصلاحية كبيرة يقودها جلالة الملك شخصياً وهي جهود يفخر بها حتى الغريب، فلماذا يصر البعض أن يجهض هذه الإصلاحات إذا اقتربت من كبابهم.


alkhatatbeh@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد