لواء الكوره و سياسة فن الممكن

mainThumb

12-01-2012 08:31 PM


عندما أطالع الأخبار حول ما يجري بالشارع الأردني و التي تدمي القلب بوطننا العزيز يزداد اعتزازي بانتمائي لهذا اللواء الصابر، لواء الكورة. و لواء الكورة لمن لا يعرفه هو الجزء الجنوبي من محافظة اربد يتمتع (والحمد لله) بنائب واحد يمثله بالبرلمان منذ بداية الحياة النيابية بالمملكة و السبب أنه لا يمكن أن يكون اقل من ذلك لاعتبارات خَلقية. زادت المقاعد هنا وهناك عندما قررت الحكومة زيادة عدد النواب بالمجلس و قد تم القفز عنه، ربما اشترطت الحكومة أن يرتفع عدد سكان اللواء إلى المليون مثلا حتى يحظى بنائب ثانٍ. ولم يغضب لذلك لأنه اعتبر كل نواب الوطن نوابا له. ولا أريد أن أتحدث عن نصيبه من الوظائف العليا أو الحقائب الوزارية، فالوضع لا يحتاج إلى شرح.


تقوم الدنيا ولا تقعد إن سحبت الحكومة أو جمدت أحد المشاريع بإحدى المناطق، و عندما تم تجاوز اللواء بسحب مشروع الكلية العسكرية ببرقش لم يتحرك إلا من خلال القنوات الشرعية، و طالب بحقه ضِمن الدستور، فاعتصم بالموقع و تفرق ولم يكلف الدولة قرشاً واحداً لحماية أو فض الاعتصام، فلم يكن لذلك داع أبداً، فأبناؤه هم عسكر و أبناء عسكر و هم حَفَظة النظام، فهل يقوّضوا بنيان وطنهم بأيديهم التي بنته!!. فلم نسمع عن طريق أُغلق أو إطار أُحرق احتجاجاً على هذا.


و بمناسبة الحديث عن برقش يُسجل للتاريخ أن الأردن كله تحدث عن برقش و انتفض لأنها ثروة وطنية، و لم نسمع يوما عن بادرة وطنية لتنمية هذه المنطقة بالاستثمار بها من أي جهة. و لكن يُؤخذ على الحكومة أنها كانت أذنا واعية لكل هذه الأحاديث والاحتجاجات، و استمعت للجميع من الشمال للجنوب إلا أهالي هذا اللواء الطيب، و كأن برقش قطعة لا تخص الكورة، فألغت المشروع و لكنها لم تستبدله بأي مشروع تنموي تستفيد منه هذه المنطقة.


و يُؤخذ على الحراكات المنادية بالإصلاح التي انتقلت من العاصمة إلى كل منطقة بشكل منظم أنها استثنت لواء الكورة و أسقطته من حساباتها، فلم نسمع على سبيل المثال عن حراك للحركة الإسلامية هناك يؤمهم فيها السيد حمزة منصور أو يخطب فيهم ابن اللواء زكي بني ارشيد. أليس في لواء الكورة أفرادٌ ينتمون إلى الحركة أو هذا التيار أو ذاك ليدعو ذلك الحزب أو الحراك أن يأتي إلى هناك. لا أعتقد أن أحدا من اللواء وجه رسالة شديدة اللهجة إلى أي جهة تهددها بالويل والثبور إن حضرت. لكن هذه الحراكات كالحكومة تبحث عن أماكن التأثير و أصحاب الصوت العالي؛ يعني لم يحظ هذا اللواء باهتمام الحكومة أو اهتمام الحراك.


و يُسجل أيضا لنائب الكورة ( الذي لم أتشرف بمعرفته لغاية الآن) أنه كان من المبادرين بالتنازل عن جنسيته الأمريكية التي يسعى إليها الكثيرون عندما أُقرت المادة الدستورية بمنع الازدواجية، في حين أننا سمعنا عن أعيان فضلوا جنسياتهم الأجنبية عن أن يكونوا بمجلس الأعيان ( مجلس الملك ) كما قال الأستاذ باسم سكجها. ونسمع عن أناس ما زالوا (مدكنين) على جنسياتهم الأجنبية و لم يُفصحوا عنها ، و لم تحرك السلطات الثلاث ساكنا حول هذا الموضوع، ربما امتثالا لقوله تعالى " ولا تجسسوا".


يعلم أهل اللواء أنهم في قلب جلالة الملك دائما و هم يلتمسون لجلالته العذر بعدم زيارتهم بجولاته السامية على المحافظات ببداية الحراك أو ما يسمى بالربيع العربي، فسيدنا يعرف مكانته جيدا في قلوب أهل الكورة، وولاؤهم لا يحتاج إلى تجديد في خطاب أو مهرجان.


اذكر مقولة لسمو الأمير الحسن انه قال عن لواء الكورة في زيارته للواء بالثمانينات على ما أظن : "إذا كانت السياسة هي فن الممكن فإن أهل الكورة هم خير من يفهم السياسة" في إشارة منه لتواضع مطالبهم مقارنة بمطالب غيرهم لأنهم يعرفون قدرات وطنهم و إمكانياته.


هل يُعتبر لواء الكورة فاهما بالسياسة أم أنه العجز؟ لا أظنه إلا كما قال سمو الأمير عنه و ليس عاجزا أبدا فما أسهل أن يقوم أهل اللواء بتقليد غيرهم من أبناء المحافظات و الألوية والتي يشاهدون آثارها على التلفزيون.


أهل الكورة لا يفعلون ذلك، وهم عند ثقة وطنهم وقيادته بهم، و لكنهم أيضا يطمعون من الحكومة (بشوية) اهتمام.


ختاماً هذه ليست دعوة للتقليد و لكنها صرخة لتذكير الحكومة بهذا اللواء، فالذكرى تنفع المؤمنين.

alkhatatbeh@hotmail.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد