عيد المعلم .. عيد الحب

mainThumb

15-02-2012 01:13 AM

بتاريخ 14/2/ 1978 باشرت عملي معلماً للغة الإنجليزية في مدرسة كفرسوم الثانوية للبنات ثم مشتركا مع الذكور لاحقاً، لهذا عندما احتفل في هذا التاريخ فإنني لا احتفل بعيد الحب إنما احتفل بعيد ميلاد معلم بدأ حياته متفائلاً بمستقبل باهر، و الحمد لله على ما أنا فيه. ليس لدي رغبة بالدخول في هذا النقاش الدائر حول حقوق المعلم و هيبة المعلم لأنني أخشى أن يعاتبني أحد بأن هذا الأمر لا يعنيني لكوني متقاعداً أو لأنني مغترب، و لكن عندما يرتفع الصوت هذه الأيام مطالبا بالمعلم أيام زمان و التحسر على هيبته أو وضعه المالي، أجد لزاما عليّ أن أتحدث عن هذا التاريخ، فكيف كان الوضع بتلك الأيام؟

عندما يعود شريط الذكريات إلى تلك الفترة ومقارنتها بغيرها أجد أن الوضع المالي للمعلم لم يكن في أي فترة إلا في أحسن حالاته مقارنة مع غير المعلم ممن يعمل بوزارة أخرى رغم تساوي المؤهل لأن هناك علاوة يأخذها المعلم ولا يأخذها غيره رغم ضآلة العلاوة طبعاً وكان هناك علاوة إضافية لبعض التخصصات كتخصصي تسمى علاوة الندرة، و قد كان الحديث منذ أن بدأتُ هذه المهنة حول تحسين راتب المعلم، ترتفع الرواتب و تبقى الشكوى، و كثيراً ما كان أساتذتنا الزملاء القدماء يتحسرون على راتب أيام زمان عندما كان راتب المعلم ثمانية عشر ديناراً، و يقارنوها براتب تلك الفترة الذي كان بالنسبة لي ثلاث و سبعون ديناراً.

كنا نجلس بالاستراحة (الفرصة) نشرب الشاي من يد الأخ أبي عاطف أو شمسي و كانت أيضاً ترتفع شكوى المعلمين القدماء عندما يروننا نمازح طلابنا أو نجلس معهم نحن الشباب بأن هيبة المعلم ضاعت و يتحسرون مدارس زمان على طريقة عادل إمام بمدرسة المشاغبين (أيــــــــــــه المدارس باظت يا جدعان)، فلم يكن يروق لهم أن تكون لنا علاقة مع الطلاب رغم القرب العمري معهم بالنسبة لي. و أتذكر هنا أن علاقة جيدة كانت تربطنا كذلك كطلاب مع معلمينا أيام الدراسة و هذه أيضا كان محل غمز من هيبة المعلم.

ما أود أخلص إليه أن الشكوى هي نفس الشكوى كانت و ما تزال و ستبقى، و لن يتحسن وضع المعلم المالي أو يسترد هيبته إذا حصل على علاوة التعليم كما يريد الآن باعتبار هذا كله ضمن منظومة اقتصادية اجتماعية عامة سقطت عندما سقط الجميع، فقد كانت تلك العلاوة مع المعلم قبل الهيكلة، استحقها عندما كان دولة أبو عصام وزيراً للتربية و التعليم؛ هل انقطعت الشكوى بتلك الأيام! فالمعلم موظف حكومي يحكمه نظام الراتب و لم أسمع بحياتي أن موظفا ذا راتب محدود قد أصبح مليونيراً؛ فالراتب هو معاش فقط، و ليس هناك من (بركة اليد) عند المعلم كالتي ينتفع بها بعض الموظفين بأماكن حساسة، فيدخل موظفاً بسيطا و يخرج بخميرة لا أحد يسأله عن مصدرها.

أما عن هيبة المعلم فلا أعتقد أنها تُعطى من جهة أو تُوهب من أحد، هي شخصية و يفرضها المعلم نفسه على من حوله بارتقائه فوق كل من يحاول التقليل من هيبة المعلم؛ لكن الملاحظ أن معظم الإخوة المعلمين يخدمون في بلدهم توفيراً للنقود و المصاريف و لا كرامة لنبي في وطنه، لهذا يتم التعامل معهم على أن هذا المعلم ابن فلان و أنا ابن علان؛ فكل المعلمين الذين نتحدث عن هيبتهم و قوتهم و نضرب بهم الأمثال لم يكونوا من أبناء البلد نفسها؛ لهذا فإن موضوع الهيبة يحدده وضع المعلم الاجتماعي ببلده و ليس وضعه المادي.

لا أدري كيف سيتقبل الزملاء هذا الشريط التاريخي، و لكني كنت أتمنى أن لا ينزلق الإخوة المعلمون هذا المنزلق النقابي الحزبي بالإضراب، لأن هذه المهنة شأنها شأن الطب لا يُقبل منها أن تقطّع السبل بالشعب من أجل مطلب مادي رغم اتفاق الجميع على أحقيتهم بذلك، و كان من الأجدى بهم الاعتبار بما حصل مع الإخوة الأطباء عندما أضربوا و كيف تناقل المواطنون هذا الخبر بكل غضب، و هنا نؤكد على أن المعلم أقرب إلى نبض الشارع من الطبيب؛ فالمعلم يدخل كل بيت لدينا يومياً في حين أن زيارة الطبيب لا تتم إلا وقت الحاجة.

أتمنى أن ينال المعلمون حقوقهم، و يحصل الطلاب على تعليمهم، وتقر عيون أبائهم، و يعود الوئام للجميع قريباً.

كل عام و المعلم بخير فكل يوم هو ميلاد لمعلم جديد.

alkhatatbeh@hotmail.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد