حسب الخبر المنشور في صحفنا الرسمية منذ أيام ، فقد تصدّرت الأردن المرتبة الأولى عربياً من حيث نسبة مساهمتها في صناعة المحتوى العربي على شبكة الإنترنت بنسبة 75% من مجمل المحتوى العربي الإلكتروني ، والذي يقدر حجمه بنحو 3%. من المحتوى العالمي.
الخبر جيد، بل أكثر من ممتاز، ولكن ما يدعونا للدهشة هي طريقة تناول الموضوع. فقد تم نشر الخبر ببساطة شديدة جداً ،كغيره من الأخبار، وكأنه إعلان عن إفتتاح مطعم جديد أو دراسة إحصائية تتعلق بجزر الكناري أو القرن الأفريقي وجزر الواق واق، دون اي تعليق شافي أو ديباجة توجه ذهن القارئ لأي إستفادة من هذا الخبر. فالإعلام الواعي هو السلطة الرابعة في الدول المتقدمة وذو رسالة يساعد في توجيه المسيرة ويرى ما لا قد يراه من هو بالسلطة ومركز صنع القرار.
الأسئلة "غير البريئة جداً" والتي أثارها فينا هذا الخبر هي:
هل لدى حكوماتنا وصناع القرار خطة بتوجيه هذه الطاقة لدى أبناءنا؟، لتكون الأردن حاضنة التكنولوجيا في المنطقة ، والإستيعاب الامثل لخريجي الجامعات ، وحتى نستغل هذا "البترول الإلكتروني" العلمي بدلاً من التركيز فقط على كيفية معالجة ما أفسده المفسدون ومن نهب مقدرات الشعب من "فوسفات" ، "وضمان" ، "وسكن كريم" ، "وامانة" ، و"بورصة" وغيرها.
هل لدى حكوماتنا وصناع القرارلدينا أي "رؤيا" بأن لا تكتفي بالوقوف فقط عند مستنقع الفساد وكثبانه؟ ،التي تسحب كل طاقاتنا ووقتنا وتستأثر على إعلامنا، ,وأن تعمل بالتوازي لإيجاد بدائل لإخراج الشعب من حالة الإحباط والتخبط. هل تعلم حكوماتنا ما هي تبعيات حالات الإحباط والفراغ وتحطم الأحلام على صخرة البطالة؟
الشعوب الحية لا تعالج مصائبها باللطم والنياح والوقوف على الأطلال، بل تلملم الجراح وتتعلم من اخطائها وتتابع المسيرة .وهذا ما فعلته ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية . اما ماليزيا فقد تصدرت نمور آسياً إقتصاديا وعلمياً باقل من 30 سنة بالرغم من ان نصف سكانها كان يعيش في منتصف ستينات القرن الماضي على الأشجار بسبب الفياضانات وعدم توفر البنية التحتية والتي لم يكن لها أي دخل سوى منتج "المطاط".
السر ببساطة هو وضوح الرؤيا والتعلم من الماضي ومن تجارب الأمم الاخرى والعمل ضمن خطة لا ترتبط بشخص أو جهة.
عودة للخبرالمفرح المبكي الذي إستفزنا جميعاً...نأمل من حكوماتنا ومن هم في مركز صنع القرار بأن يفجروا البترول المختزن في قلوب ووجدان وعقول أبنائنا ...هذا البترول الذي يفوق دخله مصادرالدخل الأخرى،إذا ما تم إستغلاله بالطريق الصحيحة. ومكمن سرهذا "البترول" أنه يعتمد على طاقات شبابنا التي لا يستطيع نهبها أحد، في وطن قام البعض فيه بنهب ترابه.
إنها أحلامنا وطاقاتنا وقدراتنا المخزونة في أعماقنا ...أرجوكم ...وجهوها بالإتجاه الصحيح حتى نكون "بانغلور" وحيدر أباد" و "كلالمبور" العرب.
belalmtahmad@gmail.com