الفساد بأرضنا يستفحل

mainThumb

17-04-2012 08:52 PM

تعبير "يستفحل" تعبير عربي فيه صورة فنية بلاغية، فالفحل هو الذكر من الجِمال، وهذا الفحل اذا  وصل الى  درجة الهياج يصبح مخيفا جدا ولا يستطيع أحد أن يقف في وجهه، فهو مخيف خِلقة عدا عن "الازباد والارعاد " التي أخذت أيضا من حالات هذا الفحل الهائج، فيملأ الزبد فمه الواسع المشقوق الشفة العليا  عدا عن الصوت المخيف والمنظر الضخم الاكثر اخافة ..
 
وهذا للأسف ما يحصل عندنا، حيث وصل الفساد الى هذه الدرجة المخيفة، فلا أحد يستطيع ايقاف هذا الفساد السادر  المنفلت من أي عقال، ولا يستطيع أحد أن يعالج حتى آثاره البسيطة التي يمارسها الصغار دون الكبار، ويلهون بها في أروقة مؤسساتنا ودوائرنا التي أصبحت تئن تحت ثقل وفساد الادارات التي أوصلتها أرومة الفساد الكبرى التي تعيّن الفاسدين على رأس مديرياتنا دون كفاءة تذكر سوى استعداده التام للقيام بدور الفساد .
 
فمن مظاهر استفحال الفساد في مؤسساتنا ودوائرنا، أن الدوائر والمؤسسات تمزقت الى مزق صغيرة، وأصبح كل شخص يمسك مزقة من هذه الدائرة أو المؤسسة! كل حسب درجته وحسب الدعم الذي يربطه بأرومة الفساد التي يعتبرها السيف المسلّط على رؤوس الشعب... والباعث في كل هذه التصرفات هو المصالح والأحقاد الشخصية وليس مصلحة البلد، فالمدير الكبير له مصالحه الشخصية، فيطلب مِن كل مَن في دائرته تنفيذ ارادته الشخصية ورعاية مصالحه وتنفيذ مؤامراته على خصومه، وليس الحق والعدل أو المصلحة العامة للشعب، والذي أدنى منه يقوم بنفس الدور على الموظفين وعلى أقاربه أيضا إن كانوا تحت ولاية دائرته، أو لها يد عليهم، وينزل المؤشر الى أن يصل الى أدنى السلّم، فالمراسل في بعض دوائرنا التي تمزقت وتوزعت على عدد موظفيها، يستطيع أن يضرب بسيف دائرته ويضر وينفع ويعز ويذل - بناء على هواجسه طبعا-، ويفتري انتقاما لنفسه أو ارضاء لصاحبه، والمؤسسة تنفذ أحقاده وصاحبه في مؤسسته يخدمه في  ذلك، ويجرجر من يريد باسم دائرته لأن أحد الفاسدين أراد ذلك، وتصبح بعد ذلك الدائرة أو المؤسسة نهبا لكل موتور، ولكل مريض، وتستجيب لعُقد النقص التي انتشرت بشكل مفزع في مجتمعاتنا..لذلك هذا الفساد المنتشر في مؤسساتنا هو أشد فتكا من الفساد المالي، وكبار الفاسدين عندنا كانوا من هذا النوع، الذين جعلوا من دوائرنا مزرعة لهم والموظفين قطيعا يسوقونه كيف شاؤوا دون رقيب أو حسيب، ومن يعترض طريقهم يكون كمن يقف أمام الجمل الهائج..
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد