الحركات الإسلامية والإنتخابات القادمة

mainThumb

26-05-2012 10:40 PM

 إن الربيع العربي أحدث هزة قوية داخل الأمة بأسرها و التيار السلفي الجهادي في الأردن كان لهذه الهزة بعض الخصوصية ، فبعد سنة ونصف من الربيع العربي بقيت البنية الفكرية للتيار السلفي الجهادي كما هي دون تغير جوهري ولكن حدث تغير جوهري في ممارسة العمل بشكل سياسي ، وحدث ذلك عندما إلتقط قادة التيار السلفي الجهادي اللحظة الراهنة بشيء من الجرأة والذكاء وقاموا قبل سنة تقريباً بمسيرة من المسجد الحسيني للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين الإسلاميين في السجون الأردنية ، ولكن المسيرة كانت إعلاناً عن وجود التيار السلفي الجهادي في الربيع الأردني أكثر منها مطالبةً بالإفراج عن المعتقلين

 
 ويظهر ذلك من الهتافات وكلمات المتحدثين وإستمرت الإعتصامات على الدوار الرابع بشكل يظهر فيه الإصرار من قبل المنظمين على عدم الصدام مع الدولة فقد صمم الإعتصام بشكل غير مستفز فيبدأ الساعة الواحدة ظهراً وينتهي الساعة الثانية  والنصف ظهراً وفي أيام متباعدة وبقي الحال هكذا إعتصامات تؤكد وجود التيار السلفي الجهادي في الربيع الأردني  وتطالب  بالإفراج عن المعتقلين الإسلامين في السجون الأردنية تخلل تلك الاعتصامات اعتصام في السلط للمطالبة بتطبيق الشريعة   ، حتى جاءت أحداث الزرقاء التي أظهرت أن هناك قراراً مسبقاً من السلطة لإنهاء الإعتصامات وتم إعتقال ما يقارب مئة وعشرين من الأعضاء  وبالفعل إنتهت الإعتصامات ولكن متعة العمل السياسي الجماهري بقيت في قلوب الأعضاء ، وطعم الهتافات التي تعبر عن أهداف التيار بتحكيم الشريعة وقتال الكفار المعتدين ، ما زالت لذته تحت لسانهم وأسنانهم ، يدفعهم بشدة لتذوقه مرة أخرى 
 
 وبعد خروج الأعضاء من السجن  نشأت أفكار غير واضحة عند عدد من أعضاء التيار تبحث عن شكل وصيغة للعمل السياسي في الأردن ، وفي خضم ذلك برزة فكرة خجولة جداً تقول  بتأسيس حزب على غرار حزب البناء والعدالة الذراع السياسي للجماعة الإسلامية في مصر ولكن الفكرة رغم خجلها الشديد هجمت بشدة من  قبل أغلب الأعضاء  ورغم  مهاجمة الفكرة بشدة ومعارضة الأغلبية لها إلا أن أغلبية أعضاء التيار يقبلون ويؤيدون العمل السياسي دون أن يظهر فيه أي تنازل عن أهداف التيار وافكاره الأساسية ، وهذا يقودنا أن التيار السلفي الجهادي يسير إلى العمل السياسي ولكن بشكل غير قانوني وهذا الشكل غير القانوني هو قرار منه وليس لأن الدولة لا تسمح فلو سمحت الدولة لهم بتأسيس حزب سياسي فلن يغير من الأمر شيئاً 
 
وفي إطار البحث عن شكل  وصيغة عقد التيار اجتماعا قبل ثلاثة أشهر تقريباً في منطقة الضليل في مدينة الزرقاء، حضره نحو 200 شخص من المؤثرين في التيار،وقد تركز جانب من النقاش على العمل الإعلامي للجماعة  وهذا التركيز يدل على رغبة كبيرة لدى الموجودين لتأكيد حضورهم في مشهد الربيع الأردني  ،و تم الاتفاق أيضا على تشكيل مجلس تحضيري ومتابعة لإجراء انتخابات وتشكيل مجلس شورى، وتم اختيار تسعة من منتسبي التيار للمجلس التحضيري وهم محمد الشلبي ابو سياف و لقمان الريالات و جراح القداح، أبو زايد المصاروة و  أبو محمد الطحاوي و  سعد الحنيطي، أبو الحارث الضمورو أبو عبد الرحمن السوريفي و جواد الفقيه
 
وفي قراءة لأسماء المجلس التحضيري نجد أن الشخصيات المذكورة تمثل التيار حقيقة وأن هناك قبول لدى أغلبية التيار بهذه القيادة ، كما ان شخصيات المجلس التحضيري تقودك إلى معرفة شكل وصيغة العمل السياسي للتيار في الثلاث سنوات المقبلة على أقل تقدير ، فشكل العمل السياسي سيكون من غير إطار حزبي مرخص عدى أن التيار لن يسعى لذلك حتى لو أتيحت له الفرصة ، لأنه غير مهيأ فكرياً ولا نفسياً وأي خطوة في هذا الإتجاه وهو العمل الحزبي المرخص قانونياً مهما كان وزن الشخصيات التي ورائها لن يكتب لها النجاح وسوف تؤدي إلى خروج القائمين عليها من التيار ، كما أن فرصة مشاركة التيار في الإنتخابات االقادمة  سواء كان بلدية أو برلمانية ، هي فرصة معدومة  وأقول معدمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، هي معدومة بأي شكل من الأشكال ،  سواء عن طريق كتلة  أو طريق أشخاص مستقلين أو بأي شكل من الأشكال 
 
ما حدث مع التيار السلفي الجهادي في الأردن هو ترتيب العمل ليتكيف مع الظروف الجديدة التي أفرزها الربيع العربي فليس هناك مراجعات فكرية وليس متوقع أن تحدث مراجعات فكرية جوهرية في المنظور القريب ، فقد بقيت البنية الفكرية للتيار  في الأردن في جوهرها كما هي ولم يتم الإقتراب منها إطلاقاً ، فما حدث هو تكيف مع الظروف وإعادة ترتيب الأولويات ، الدعوة والتأكيد على حضور التيار في الربيع الأردني حتى يأتي الظرف المناسب للقتال، هي ترجمة لجملة ظل يرددها ابو محمد المقدسي لسنوات عديدة وهي ( الأمة تحتاج إلى دعوة )هذه الجملة كانت تعبر توجه الشيخ و سياسته ورؤيته الواقعية  وهذا لا يعني عدم تطور العمل السياسي للتيار مع الزمن  بل هو تحليل لواقع التيار خلال السنوات الثلاث القادمة وخصوصاً الإنتخابات القادمة والعمل الحزبي المرخص قانونياً  
 
وعلى ذلك فما  تم قراءته من الأعمال السياسية للتيار وإنشاء المجلس التحضيري على أنه تنازل عن فكرة القتال والجهاد نؤكد انها قراءة خاطئة وبعيدة عن أجواء التيار ، ولكن بقيت مسألة وهي مع ممارسة العمل السياسي للتيار  ترجيح أن يتم  إشتباك فكري وتصادم مع الحركة الإسلامية  وهذا التصادم هو مصلحة للعدو البعيد قبل القريب  وفهناك خط سياسي عريض لجهات خارجية وداخلية  لإيجاد أجواء من التنافر والتصادم بين القوى السياسية في المجتمع وخصوصاً الحركات الإسلامية ، لذلك أتمنى على قادة التيار أن لا يقعوا في منزلق التصادم مع الحركات الإسلامية وخصوصاً الحركة الإسلامية .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد