حكاية نهاية الإسبوع .. أوجاع سداد الدين

mainThumb

31-05-2012 03:58 PM

كنت طالبةً في الثانوية العامة و كنت في طريقي لحضور حفلة في بيت إحدى صديقاتي ، ولما وصلت المكان طلبت من سائق التكسي  إنزالي ولكنه لم يسمعني فكررت عليه الطلب بصوت أعلى فتوقف على بعد مئة متر من البيت ، فعندما نزلت لمحت سهى من بعيد ترن جرس البيت ، ففتح الباب أخو زميلتنا صاحبة الحفلة و هوشاب يدرس في الجامعة إسمه ماجد ، وتحدث  مع سهى قليلاً ثم دخلت سهى وبقي هو واقفاً أمام البيت يجري مكالمةً هاتفية ، ولما أصبحت على بعد أمتار من البيت وصلت مجموعة من زميلاتي ، فأخذت أصافحهن وأنا ألمح بعيني الشاب وهو يدخل إلى البيت ، قرعنا الجرس   ولكن لم يفتح الباب أحد ثم قرعنا الجرس مرة أخرى فأطل علينا الشاب من السطح ولم يلمحه سواي ، ثم قرعنا الجرس للمرة الثالثة حتى فتح لنا الشاب الباب وما أن فتح الباب حتى سمعنا صوت زميلتنا صاحبة البيت من الخلف تنادينا ، وهي تحمل مجموعة كبيرة من الأغراض ، وتطلب منا أن  أن نساعدها في الحمل ، فحملنا معها واعتذرت منا قائلة:
 
*- أنا أسفة لقد تأخرت رغماً عني ، المشكلة انه لا يوجد أحد من أهلي في البيت  الجميع غادر منذ ساعات لكي نأخذ راحتنا .
 
قالت لها إحدى الزميلات 
 
*- يوجد أخوك هو من فتح لنا الباب 
 
-: نعم لقد رأيته ، غريب أنه ما زال في البيت 
 
وما أن دخلنا حتى تفاجأ الجميع بإستثنائي بوجود سهى في الداخل 
 
فخاطبتها احدى الزميلات  
 
*- منذ متى وأنت هنا
 
-: منذ دقائق فقط 
 
*- دقائق أم ساعات 
 
وهي تقصد وجودها مع الشاب داخل البيت لوحدهما 
 
وفي اليوم التالي غابت سهى عن المدرسة ، فتهامست بعض الزميلات أن سهى على علاقة مع ماجد وأن العلاقة وصلت إلى حد النوم في السرير ، وإستشهدن بيوم الحفلة ، وأنا أُ ؤكد قولهن مع أني رأيت بعيني براءة سهى  ورغم أنها كانت من صديقاتي المقربات ، سمعت سهى بكلام الفتيات ولكنها لم تأخذه على محمل الجد ،وفي يوم حصل سوء تفاهم بيني وبين سهى فقلت لها ونحن لوحدنا 
 
*-  تنامين مع ماجد في السرير ثم تأتيني لتعلميني الأدب 
 
-: أنت تعلمين أني لا يمكن أن أفعل ما هو أقل من ذلك بكثير ...أنا لست على علاقة بأي شاب 
 
نحن رأينا بأعيننا كل شيء 
 
في تلك اللحظة سمعت  صوت كسر عيونها  ، ورأيتها تفقد إحساسها بالواقع ، تركتني وغادرت ، مع أني أنا الشاهدة الوحيدة على  صدقها وإفتراء الفتيات 
 
وبعد الثانوية العامة نجحت كل صديقاتنا ودخل أغلبنا الجامعة الأردنية  بنظام الموازي  ، أما سهى  فقد قررت أن تذهب بعيداً  إلى جامعة الطفيلة رغم أن معدلها يؤهلها لدخول الجامعة الأردنية بسهولة  بنظام التنافس ، لقد هجرتنا بهدوء ولم تزر واحدة فينا بعد الثانوية العامة
 
ومضيت في جامعتي وأنا في غاية السرور وفي السنة الثالثة وهي قمة سعادتي حيث تعرفت على شاب يدرس الماجستير إسمه أحمد وتواعدنا على الزواج ولم يبق إلا أن يأتي بأهله وبالفعل تم تحديد موعد بعد ثلاثة أيام من ذلك اليوم الذي سددت  فيه رغماً عني دين سهى  ، فقد كنت أسير مع خطيبي المنتظر حتى إلتقينا بصديق له هوفي نفس الوقت  زميلي في القسم وليس بيني وبينه كلام ومن غير سابق إنذار قال لي وكأنه يعرفني 
 
*- هذا أفضل لك من الدكتو عمر ، ولكن أنا أنصحك أن تتمسكي بأحمد لأنه شاب رائع ولا تفعلي به مثلما فعلت بالدكتور عمر 
 
:- أنا لم أتحدث مع الدكتور عمر إلا في قاعة المحاضرات 
 
*- قاعة المحاضرات ؟! ، كل كراسي في  مكتبه تشهد عليك  خصوصاً بعد إغلاق الباب بالمفتاح  ...سلام يا يا أحمد 
 
قلت لأحمد 
 
*- صديقك هذا مجنون .، لولا أنه صديقك لضربته بالحذاء على وجهه 
 
ولكن احمد بقي صامتاً وطلب المغادرة  بحجة أن عليه موعد ضروري  ، وجاء اليوم التالي ولم أر احمد وكلما أتصل به لا يجيب وجاء موعد لقاء أهله مع أهلي وإخذ أهلي يستعدون لذلك وأنا أحاول الإتصال بأحمد ولكن دون جدوى ، فأخبرت أهلي أن أحمد إعتذر عن الموعد بسبب ظرف خاص عند أهله ،  ولكني بقيت على أمل أن يأتي في يوم الموعد وجاء يوم الموعد ولم يأت أحمد ودخلت إلى غرفتي وأن أسمع صوت تكسير قلبي وصورة سهى أمامي لا تفارقني أسمع صوت تكسير عيونها ، وأنا أجلس محطمة أسدد دينها أضعافا مضاعفة ومنذ ذلك الحين إنقطعت علاقتي بأحمد كان يراني في  الجامعة ويمشي كأنه لا يعرفني ، وتخرجت من الجامعة مكسورة القلب  والخاطر
 
وبعد ثلاث سنوات من تخرجي ، وانا راكب في باص المدرسة التي أعمل بها سمعت من المذياع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
 
( لا يرمي رجل رجلاً بالفسوق ولا يرميه بالكفر إلا إرتدت عليه ما لم يكن صاحبه كذلك ) ، لقد قصمني هذا الحديث ونشرني نصفين وبقيت أسمعه  وصورة سهى وهي تتكسر عيونها ماثلة أمامي وعندما يتردد قوله صلى الله عليه وسلم (إلا إرتدت عليه ) أرى صورتي وأنا أبكي في غرفتي في يوم موعد خطبتي من أحمد وصوت تمزق قلبي يكاد يفجر أذاني ،
 
 إنها سنة الله إذن في الحياة فالإتهام بالباطل دين سوف يدفعه المفتري أضعافاً مضاعفة ، في تلك اللحظات أحسست بحاجة إلى أن أناجي الله  وهي المرة الوحيدة التي احس بهذا الإحساس ، لقد ناجيت الله وعاهدته أن لا أتهم بالباطل أي شخص مهما كانت الظروف 
 
وبعد ذلك اليوم بسنتين تزوجت من رجلٍ هو في الحقيقة أفضل بكثير من أحمد  ومع أني أمضيت سنوات من زواجي بإستقرار ما زلت أخاف أن يسمع زوجي بما إفتراه علي صديق أحمد ، يبدو أن دين سهى ضخم جداً     


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد