من قتل الجنود المصريين في سيناء ؟ واشياء اخرى !

mainThumb

08-08-2012 04:23 PM

غريب ان يختلف اثنان على من وراء قتل الجنود المصريين في سيناء غرابة الاختلاف على مشرق الشمس ، وغريب ايضا ان يختلف اثنان على سبب انشقاق رئيس الوزراء السوري عن النظام ، ففي مجتمعاتنا العربية تتباين وجهات النظر حول كل الامور ابتداء من مزاج الطبخ في رمضان ونهاية بشكل النظام وشكل الحكم المناسب في الاقطار العربية المتناثرة ، لكنها لم تختلف مرة واحدة على اية حقيقة دامغة .
لو عاد المواطن العربي قليلا في ذاكرته الى سنوات المعرفة الاولى من كتب التاريخ لوجد ان كل العظماء في التاريخ كانوا عظماء لانهم غيروا من واقعهم وواقع اوطانهم وشعوبهم ، ومن لم يغير من واقعه وواقع اهله وارضه في التاريخ يمر عنه التاريخ مر السحاب ربما لضبط الايام والشهور في التاريخ لا اكثر، وقد اثبتت الشعوب العربية هذه الايام انها من العظماء الذين غيروا الواقع في كل ارجاء الوطن تغييرا جذريا وسيذكرهم التاريخ على هذا الاساس .
 
واصل التغيير كان ولا يزال يكمن في فقه الواقع ، فانت انت فقهت الواقع ورغبت في التغيير يصبح التغيير بين يديك تحصيل حاصل وتحقيقه مسالة وقت ، وفقه الواقع متطلب الهي حتى من الانبياء ، والا فكيف استطاع محمد عليه افضل الصلاة والسلام من نسف مجتمع جاهلي وتحويله الى مجتمع ذو عقل ومدنية ؟ لقد فقه الواقع وعرف ماذا يريد وتعامل مع الموضوع على هذا الاساس ، انه اراد تغيير شيء معلوم مفهوم الى شيء معلوم مفهوم ايضا ، وهكذا فقد ادركت الشعوب العربية واقعها وفقهته تماما فباشرت عملية التغيير.
 
ولم يفت العظماء ان يتعاملوا مع الواقع الذي فهموه بما يستحقه من افكار واستعدادات ، وعند قراءة تاريخ العرب والمسلمين نرى ان عمر بن الخطاب دخل القدس بناء على اتفاق معد سلفا من قادته الميدانيين مع اهلها ، وما كان دخوله القدس الا تنفيذا لذلك الاتفاق ، بينما دخل عمرو بن العاص مصر فاتحا .
 
واذا نظرنا الى هيئة الحكم الوطني المخلص في كل عصر من العصور نجد شكلا واحدا من التشكيل الحاكم ، وهووان اظهر الاختلاف الشديد بين الحكام المتعاقبين في الصفات واسلوب العمل الا ان الجميع يتشابهون في الهدف ، هذا بالاضافة الى التشابه المنقطع النظير بينهم عند التعامل مع الحالات المتشابهه ، فابو بكر الهادئ اللين حارب الردة والمرتدين بكل عنف مطلوب ، وعمر بن الخطاب الشديد المرعب اوقف الحكم على من اغتاله حتى ينفذ امر الله.
 
ولاننا كجزء من هذه الامة العظيه لنتبهنا الى ان الاصل في الحكم هو معرفة وفهم الواقع ، ومن هذا الباب نرى في ان عملية سيناء وقتل الجنود المصريين فيها تحتاج الى فكر ودافع واداة ، ولانه لا يوجد بين المسلمين ولا الجماعات الاسلامية من يمتلك فكرا يبيح قتل الجنود المصريين وليس عند احدهم دافع لذلك ولان الدين يمنع ذلك بل يبشر فاعله بعذاب اليم فان اي منهم لم يقم بعملية القتل قطعا حتى لو كان الذي نفذ العملية له ذقن ويلبس جلبابا قصيرا – فهذه صفات يستطيع اي شخص من اي دين واية ملة تقمصها - ، واما الاداة والطريقة والخطة التي تمت بها عملية القتل فهي تشير الى مطبخ عسكري مخابراتي واسع المعرفة والعلاقات والتاثير ، ولو ان جماعة اسلامية بعينها تمتلك هذه الامكانيات لفعلت الكثير في الاراضي المحتلة .
 
ان قتل الجنود المصريين والاستيلاء على عرباتهم ثم تعريض القتلة للقتل بسهولة على يد الجيش الاسرائيلي يذكر بقصة اغراق السفينة التي كانت تقل يهودا من اوروبا نازحين الى فلسطين ، ولما رفض الانتداب البريطاني على فلسطين حينها استقبال اولئك اليهود قامت منظمات يهودية باغراق السفينة في البحر.
 
ومن زاوية اخرى فان انشقاق رئيس الوزراء السوري ذو الستة واربعين ربيعا ، الذي ولد نشأ وترعرع وتعلم وعمل وخدم في ظل النظام السوري الحالي الممتد منذ بداية سبعينات القرن الماضي ولم يعرف غيره يدل دلالة واضحة على ان الحق احق ان يتبع لكل صاحب عقل ، وان الذي يجري هناك لا يجب ان يختلف عليه اثنان .
 
وان كان من يجلس في سدد الحكم في وطننا العربي الكبير كانوا او اصبحوا اصحاب مصالح لها الاولوية دائما حتى امام احتياجات شعوبهم مما الهاهم عن فهم الناس ، فان الناس واقصد الامة العربية في مجموعها صاحبة العقل النابع من عقيدتها والموروث في كيانها منذ بزوغ حضارتها ، كانت صابرة صامتة على غير رضى بالرغم من ان شعوبها فقهت الواقع وفهمت ما يدور حولها وحددت رؤيتها لمستقبلها ورسمت اهدافها مسبقا لكنها اليوم قررت المسير،  وسارت نحو تحقيقها ، ولا زال ابناء الامة لا يختلفون حول اي موضوع مهم .
 
الا تدل حركة وانتصار الشعب العربي التونسي والشعب العربي الليبي والشعب العربي المصري وابو الشعوب العربية اليمني على ان الشعب السوري الذي هو امتداد طبيعي لهم سائر نحو نفس الغية واصلا الى نفس النتيجة ؟ الا يدل انشقاق العديد من ابناء الشعب العربي السوري بمن فيهم رئيس الوزراء على انه لا يختلف ابناؤه على شيء مهم؟ 
 
وان غدا لناظره قريب.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد