قِدْرُ الحصى

mainThumb

24-08-2012 02:14 PM

 لم تكن المرأة التي وجدها عمر بن الخطاب تضع قدرا من الحصى على النار، تريد خداع أبنائها من أجل أن يتوقفوا نهائيا عن طلب الطعام!، ولكنها فعلت ذلك رحمة بهم علّ النوم يغزو عيونهم الصغيرة وعند الصباح تتدبر أمرهم وتُحضر لهم ما يسد رمقهم، ولم تكن تخبئ الطعام عنهم وتشبع هي ومن تريد في حين أن أبناءها يتضورون جوعا، ومهما فعلت فإن هناك من يسهر على راحتها وراحة أبنائها ويتفقد أحوالها وقد وصل إليها في الوقت المناسب..

 
لكن قدْرنا يغلى فوق النار منذ زمن بعيد والحجارة لا تنضج والجوعى يُلحّون، وهم يعرفون أن حجارة القدر ستخرج كما دخلت، ولن تلين لآكل، والطباخ يعرف أنه يضع الأمور في غير محلها، وأن جهوده إلى تباب وأن الجياع سيبقون على جوعهم، وهو يراهن على خداعهم.. ولن يفيدهم الانتظار ما دام عمر لن يأتي ويوقف المهزلة..
 
ماذا لو تمت الانتخابات، وأفرز الشعب مئة وعشرين نائبا وجلسوا في البرلمان وقاموا بنفس الدور الذي قام به زملاء لهم في برلمانات سابقة!! بل هل الذين سيترشحون للانتخابات أو من يسمح لهم الترشح للبرلمان يدركون دورهم، وهل المجتمع بشكل عام يستطيع أن يفرز نوابا على قدر من المسؤولية والشجاعة ليقفوا مواقف يحتاجها الوطن والمواطن!!؟
 
وهل الانتخابات ومجلس النواب هو كل ما يريده المواطن، ليدخل عالم الاصلاح؟! وهي المخلص له من كل ما يوجعه، وهل مجلس النواب قديما وحديثا كان جزءا من الفساد أم مباركا له، أم شكّل غطاء لكل فاسد وناهب لمقدرات الوطن والمواطن!؟
 
من حق المواطن أن يفقد الثقة في مجلس النواب والحكومة مادامت الوجوه نفسها التي بصمت على نهبه ونهب مقدراته، تلبس له الآن لباس النساك وتحاول خداعه مرة أخرى وتجره إلى نفس الحفرة التي يحاول الخروج منها!!
 
المجتمع برمته من علاقات وأفكار وسلوكات يحتاج إلى تغيير -عدا عن السياسات السائدة في الدولة-  من أجل أن ينجح أي إصلاح، لأن الفساد الثقافي السائد عندنا أكبر من الفساد المالي الذي مارسه الفاسدون !!بل كان الفساد الثقافي مقدمة للفساد المالي وغيره من أنواع الفساد التي تجمعت كلها في مكان واحد.....! وما زالت ظروف الفساد هي هي! وما زال طبيخ الحصى على النار والبعض ينتظر العشاء...  


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد