إضاءة .. هل وصلنا للقمّة بعد هذه القمم؟ - ريم الحرمى

mainThumb

26-12-2012 05:09 PM

 قمة تلو قمة اخرى وكل قمة تصدر بيانا ختامياً يملئه الشجب والادانة والاستنكار، تعودنا نحن العرب على هذه اللغة ننتظر الفعل حتى يحصل ثم نرفع أصواتنا بردة فعال ، فها هي القمة الخليجية الثانية والثلاثون اختتمت أعمالها بتلك المفردات، ولأكون منصفة خيرًا فعلوا في الاتفاق العسكري والأمني الذي أقرته دول مجلس التعاون بين بعضها البعض ولو أنه جاء ثلاثين سنة متأخرًا إلا أنه أصبح ضروريًا بإنشاء قيادة عسكرية موحدة بين الدول الست خصوصًا أن وتيرة التهديدات الخارجية في ازدياد مطرد وكذلك هو الحال مع من يعيشون بيننا في الخليج ذوو انتماءات لدول لديها مطامع تسعى لحل الفتنة وزعزعة الاستقرار في منطقة الخليج العربي.

 
لكن بعيدًا عن الأحلام والمثالية الزائدة لنكن واقعيين، هل حققت القمة الخليجية مطامح "الشعب" الخليجي، هل قدمت له حلولاً وشرعت آليات تسعى للارتقاء بهذا المجلس والدول التي يمثلها؟ كان من المفترض أنه مثلما أخذ موضوع القيادة العسكرية الموحدة وتبادل المعلومات الأمنية بين الدول الخليج حيزه أن تأخذ مواضيع أخرى كذلك حيزها من النقاش ووضع آليات لتفعيلها، فأين المواطن الخليجي من توصيات مجلس التعاون وأقصد بالمواطن الذي لا ناقة ولا جمل له في السياسة، أين القوانين والتشريعات التي تحفظ حقوق المواطن وتكفل واجبته، أليست العلاقة بين الدولة والفرد علاقة تبادلية، فهي لم تكن أبدًا علاقة ذات طرف واحد، وإن كانت كذلك فلابد أنه خلال ما قد أصاب تلك العلاقة والتي ينتج عنها فيما بعد إفرازات لاتحمد عقباها، حقيقة كنت أتمنى أن أرى قليلاً من التشريعات التي تتعلق بحفظ حقوق الإنسان في الدول الخليجية، والبحث في وضع حد لما يسمى "معتقلي الرأي" الذين لم ينجوا من العقول التي ربما مازالت تعيش في عصر الشيوعية وبالرغم من قيام الثورات البشرية والتكنولوجية إلا أن هؤلاء مازالت السجون تمتلئ بهم، فما التطور الذي قام به المجلس منذ إنشائه منذ أكثر من ثلاثين سنة حتى اليوم وما المردود الإيجابي الذي عاد على المواطن الخليجي، إنني بالفعل أخشى أن يتحول مجلس التعاون الخليجي كجامعة الدول العربية مجرد نموذج آخر مصغر من الجامعة تشجب وتستنكر بكل ما أوتيت من قوة، حتى في المفردات المستخدمة ولغة الحوار التقليدية والبيانات الختامية التي تتشابه السنة تلو الأخرى دون الأخذ في الاعتبار المجريات المستحدثة على كافة الصعد وإن المواطن الخليجي في الثمانينيات تختلف احتياجاته عن المواطن اليوم، فالمشاكل تزداد والحلول تزداد تعقيدًا وكان لابد من مجلس كمجلس التعاون الخليجي أن يتخذ خطوات أكثر جدية ومواقف فعلية لا مجرد توصيات وردود أفعال تترجم على ورق في ختام كل قمة.
 
كم من السنوات سوف ينتظر المواطن الخليجي حتى يحقق مجلس التعاون طموحاته ومتى سيسمع أن للمواطن وزنًا وقدرًا يسمح له بالمشاركة السياسية ويجعله يساهم في صناعة القرار وإيجاد حلول جذرية وواقعية تخدم كلاً من الدول والأفراد، فالعملة الخليجية على ما يبدو أنها ذهبت في مهب الريح بعد انسحاب دولة الإمارات وسلطنة عمان، والاتحاد الكونفدرالي الذي كان من المفترض أن يتم إنشاؤه منذ سنوات لايزال يراوح مكانه، وأين التعليم الذي كان من المفترض أن يأخذ نصيبًا من المباحثات في دول مجلس التعاون أليس من الأجدر أن يتم التركيز على التعليم المشترك بمراحله المختلفة بين الدول الخليجية، فالأمم لا تنهض إلا بتعليم أفرادها ، لكن لا أبالغ إن قلت الشيء الوحيد المشترك الذي نجحت دول مجلس التعاون في إتمامه خصوصًا في مجال التعليم ومجال التعاون المشترك هو البرنامج التعليمي الشهير في الثمانينيات "افتح يا سمسم" ، عوضًا عن ذلك فلا أرى إنجازات فعلية تهم المواطن الخليجي العادي.
 
فكيف نستطيع فك لغز أن ست دول تشترك في الجغرافيا والدين واللغة ونظام الحكم وطيلة هذه السنوات لم تستطع القيام بما قام به الاتحاد الأوروبي ذو السبع والعشرين دولة والثلاث والعشرين لغة في زمن قصير، حتى في أشد وأحلك الأزمات التي حلت باليونان اقتصاديًا والتي أدخلتها في أزمة ديون لم تضحِّ الدول الست والعشرون بتلك الدولة، لمَ؟ بسبب الأخوة الأوروبية، أما نحن في الخليج لا أدري ما الذي ننتظره خصوصًا أن كل عوامل التكامل والاتحاد الخليجي موجودة لدينا، من الأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي ، فحجم اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي يصل إلى 1500 مليار دولار العام المقبل 2013 إذا ما خذنا في الاعتبار استقرار سعر برميل النفط على 100 دولار، لا أعلم هل سوف تتغير لغة دول مجلس التعاون في القمة المقبلة، لأنه وجب التغيير في هذا الوقت بالذات فما يحدث اليوم لا يرتقي لتطلعات المواطن الخليجي الذي يطمح لمستقبل أفضل ودور فعال يساهم هو فيه وفي صنع القرار الذي لايمكن أن يصنع دون تعاون مشترك فعلي بين دول المجلس وبين شعوب المنطقة.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد