الطريق المسدود للسلام يبدأ بإسرائيل - ريم الحرمي

mainThumb

22-03-2013 05:00 PM

 يزور أوباما المنطقة العربية وسط حذر وترقب شديد من جميع الأطراف، ووسط معارضة لهذه الزيارة التي يرى البعض أنها "لن تقدم أو تؤخر" فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فبنيامين نتنياهو الذي فاز في الانتخابات الإسرائيلية مؤخرًا لا يبدو أنه جاد في الوصول إلى اتفاق بينه وبين السلطة الفلسطينية، فعلى المستوى الحكومي الإسرائيلي لا يرى الإسرائيليون شريكًا "جاداً" في السلطة الفلسطينية، وكذلك هو الحال على المستوى الشعبي فقد أوردت صحيفة معاريف العبرية أن 51% من الإسرائيليين يعارضون أي مبادرات طيبة للفلسطينيين قبيل زيارة الرئيس الأمريكي، بينما يؤيد 27% تلك المبادرات، في إشارة إلى أن هناك لغة عدائية "غير مستغربة" حكوميًا وشعبيًا من الجانب الإسرائيلي، أي إن إسرائيل لا يوجد لديها أي نية لتطبيق خطة السلام المزعومة أو حتى العمل على ذلك، وهذا ما يبدو من التصريحات أو حتى التشريعات التي أقرتها الحكومة الإسرائيلية الضاربة بكل القوانين الدولية عرض الحائط ومنها بناء الآلاف من المستوطنات غير الشرعية على الأراضي الفلسطينية.

 
كذلك فإن هذه الزيارة الأولى التي يقوم بها أوباما منذ توليه الرئاسة تأتي لرأب الصدع بين تل أبيب وواشنطن، حيث شهدت الولايات المتحدة وإسرائيل توترًا شديدًا لم يسبق له مثيل في السنوات الأخيرة بسبب أخذ السياسة الأمريكية في المنطقة العربية منحى جديدًا ومختلفًا مع التوجه الإسرائيلي في المنطقة، فإسرائيل لا تزال غاضبة من واشنطن بسبب دعمها للثورات التي أطاحت برؤوساء كانوا على علاقة وطيدة بإسرائيل مثل الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، كذلك فالولايات المتحدة أيّدت ورحّبت رسميًا بفوز مرسي وصعود الإسلاميين للسلطة بشكل شرعي وبتمثيل شعبي، ذلك الأمر يُشكل تهديدًا وخوفًا لإسرائيل التي ترى في وجود الإسلاميين في المنطقة تهديدًا حقيقيًا لها ولأمنها، لكن واشنطن بالطبع ترى أنه من مصلحتها أن تفتح صفحة جديدة وتبدأ بالحوار مع الإسلاميين، فهذا الأمر هو أمر لابد منه لتحقيق المصالح الأمريكية ولفتح قنوات دبلوماسية جديدة بين تلك الحكومات وواشنطن.
 
ويستمر امتعاض إسرائيل وعلى رأسهم نتنياهو في محاولتهم بشتى الطرق الضغط على الولايات المتحدة وعلى السياسيين هناك، لا لشيء إلا لتحقيق مصالح إسرائيل في المنطقة والتي تبدأ من واشنطن، وخلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة لم يتوان نتنياهو عن دعم وتأييد المرشح الجمهوري الخصم لأوباما، ميت رومني، في إشارة إلى أن نتنياهو غير راض عن سياسة أوباما أو عن المجرى الذي تأخذه العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، هنا في الزيارة المرتقبة لأوباما سوف يتبين: هل نتنياهو عازم على العمل بجدية وفق خطة أوباما بالرغم من أنه فضل ميت رومني عليه أثناء الانتخابات الماضية؟
 
كل المؤشرات تؤكد على أن إحياء عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين لن تتقدم ولو بخطوة في مستهل زيارة أوباما للمنطقة خصوصًا أن الإسرائيليين أنفسهم لديهم "مشاعر سلبية وعدائية" تجاه أوباما وذلك ما قاله 68% في استطلاع نشرته صحيفة معاريف في شهر مارس الجاري، لذا فهناك ملفات أخرى مهمة يستهل أوباما بها زيارته لإسرائيل، منها الأزمة السورية وتبعاتها، والملف النووي الإيراني وبالطبع أمن إسرائيل، الذي تخشى عليه من "إمكانيات" إيران النووية والتي لا تضاهي الإمكانيات التي تمتلكها إسرائيل وهنا سوف تحاول إسرائيل مجددًا تصعيد لهجتها حول أهمية أمنها خصوصًا أن أوباما يرى أن الدبلوماسية هي الحل الوحيد في الوقت الحالي، وإن لم تنفع الدبلوماسية فأوباما لا يمانع بعقوبات دبلوماسية واقتصادية أشد قسوة، لكن لنتنياهو رأي آخر وهو جر الولايات المتحدة لشن حرب ضد إيران وهو حل لا تريد الولايات المتحدة أن تتخذه لأسباب عدة منها التبعات على أمن أمريكا القومي وازدياد المشاعر العدائية لها، وكذلك الاقتصاد الأمريكي المتدهور والذي سوف يكلف واشنطن الكثير في حال شنها حرب على إيران، فبحسب أرقام منظمات في واشنطن تكلفة الأشهر الأولى من الحرب على إيران سوف تكلف الولايات المتحدة ما بين 2 و3 مليارات دولار وهذا متوسط كلفة ثلاثة أشهر فقط، ناهيك عن العجز الاقتصادي الذي تُعاني منه الولايات المتحدة والذي يتجاوز 16تريليون دولار، أيضًا فالولايات المتحدة تعلمت الدرس من العراق، لذا سوف يكون ضرباً من الغباء أن تكرر أمريكا هذا الخطأ مرة أخرى، ومن تبعات أي حرب على إيران ارتفاع أسعار النفط والذي سوف يعود على الولايات المتحدة نفسها بالضرر الأكبر، لذا يحاول أوباما الآن تهدئة الوضع مع نتنياهو في محاولة منه لإيجاد حلول وسط تناسب دور واشنطن في المنطقة مع المتغيرات الجديدة وتناسب أيضًا الحليف الإسرائيلي لأمريكا.
 
السياسة الأمريكية لابد لها أن تتغير ولو كان هذا التغير تغيرًا طفيفًا، كما يجب أن تكون هناك مراجعة لحسابات كثيرة، فالطريق للسلام في الشرق الأوسط مع أي طرف لا يبدأ أو حتى يمر بإسرائيل فقط، بل على الولايات المتحدة أن تُشرك عدة أطراف في مباحثاتها وزياراتها للمنطقة إن أرادت فعلًا إرساء السلام والعمل على تبني علاقات أمريكية عربية جديدة، لكن في الوقت الراهن يبدو أن هذا الحل بعيد عن الواقع، وسيرجع أوباما إلى واشنطن بخفي حنين.
 
reem.alharmi@gmail.com
 
* الراية القطرية


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد