يحيا الكلام بدون فعل

mainThumb

23-04-2013 11:30 PM

 اننا منذ قرن من الزمان، ونحن نعتاش على الكلام، نطرب للكلام حتى لو كان هذا الكلام ليس له واقع، أو لا يمكن تنفيذه، أو كان صادرا من كذاب واضح الكذب، ونحن نعرف ذلك، لكن نكتفي بنشوة الكلام وتستفزنا طبوله وايقاعاته المرقصة للمشاعر، حتى بعد أن تذهب النشوة ونعرض الكلام على الواقع لبيان صدقه من كذبه، كل الناس يعود الى الحقيقة ويعرفون أنهم أخطأوا الا نحن العرب لا يحدث معنا هذا، بل يعود الى المشاعر التي اعترته ساعة كان يراقص مشاعره على ايقاعات ذلك الكلام، فيغرق أكثر في نشوة الكلام وتغيب عنه الحقيقة ويتشبث بالكلام..

 
كل الحكام العرب الذين أتقنوا الكلام وعزفوا على مشاعر الناس " عبيد الكلام" حصدوا شعبية كبيرة لازمتهم الى الآن بعد رحيلهم بعقود، وبعد أن تكشفت حقائقهم، وأنهم كانوا يلعبون على مشاعر عبيد الكلام فقط ويعملون ضدهم او مع عدوهم، ولم يحققوا لهم على أرض الواقع شيئا، بل أغرقوا بلادهم وشعوبهم بالتبعية، والفقر والتخلف، وإذا عرضت لما قاموا به من جرائم بحق الشعوب، تسمع قائلا يرفع صوته ويتوجد على أيامه بأنه كان يتكلم كذا ويقول كذا!! لكن هل عمل شيئا مشرفا؟!! أو قدم لشعبه شيئا؟ يتكررفي وجهك الجواب اياه، بس كان يحكي!!!.. ينسحب هذا الحكم على رموز كانوا في النصف الثاني من القرن الماضي في أكثر من قطر عربي، وما زال بعضهم يحارب شعبه وله أتباع ينظرون الى كلامه ويصمون عن أفعاله، وهذا مما يدلل على صفة احتفاء العرب بالكلام حتى لو صدر من عدوهم!!
 
هذه الصفة تعمل عليها حكوماتنا المتعاقبة والأجهزة الأمنية، والمتسلقون والمنافقون، وأصحاب الأهواء، بحيث يطربون الناس بكلامهم، ثم يطعنونهم بأفعالهم!! يقتلونهم ويتباكون عليهم، والشعب مازال يراقص مشاعره على ايقاعات كلام الدجالين والأفاكين.
 
عندما رقص الشعب على مدى اسبوع على كلام النواب، وانتشى وأتخم بالكلام، ظن أن الحكومة لن تنال الثقة، وسوف ينتصر على زمر الفساد ورعاتهم بالجعجعات وبالأصوات العالية، ويتخلص من تبعات الحكومة التي تتوعد المواطن بالضيق الذي لازمه ولا يفارق، ولما تكشف لهم الأمر وأن الطبول والجعجعات  لن تفعل شيئا كما يحدث دائما، عاد الى نفسه وصار يجتر الكلام الذي سمعه ويتحدث حوله.. لكني لم أر الشعب محبطا كما رأيته اليوم، كأنهم تعرضوا لاحتلال سيستعبدهم ويحصي عليهم أنفاسهم، وجهت لهم اللوم لأنهم تفاءلوا بشكل مفرط، وعولوا على الكلام ، لكنهم نكسوا، وعادوا الى الكلام قائلين: بس فلان حكى كلاما قويا!


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد