ارحل قبل فوات الأوان

mainThumb

30-06-2013 04:10 PM

أخطأ الرئيس محمد مرسي بقراءة المقدمات التي اوصلته إلى هذا اليوم الذي لا يتشابه مع 25 يناير, بل يبدو اكثر عنفا ودموية, لأن حجم السخط الشعبي اكبر بكثير منه حينذاك, فإذا كان الرئيس السابق حسني مبارك خضع ل¯13 مليون متظاهر وتنحى قبل ان تصل الاحداث الى ما وصلت إليه الآن, فكيف سيواجه الرئيس "الاخواني" 22 مليون مصري يطالبونه بترك الحكم والرحيل?

يبدو واضحا أن مرسي لم يتعلم من أخطاء مبارك, بل كرر خطب الاخير, ولكن بأسلوب ركيك فيه من التدليس على الناس ما يجعل حتى انصاره يتخلون عنه, ومثلما لم يستطع الحزب الوطني الديمقراطي التصدي للمتظاهرين في العام 2011, رغم كل القوة التي كان يتمتع بها ورصيد 30 عاما من التغلغل بمؤسسات الدولة, فإن جماعة "الاخوان المسلمين" الحديثة العهد بالحكم, لن تقدر على امتصاص الغضب الشعبي رغم تهديد بعض مسؤوليها بمواجهة الشارع بالشارع, او بالعنف والدم مصر الحالية اختلفت عما قبل وجيشها وقف, دائما, في صف شعبها, وما فعله أيام النظام السابق خير دليل, وهو اليوم لن يتخلى عن حاضنته الطبيعية لينحاز الى حكم المرشد الذي خلق بين جماعته والمؤسسة العسكرية ثارات عدة لا يمكن نسيانها.

30 يونيو 2013 يوم فاصل بتاريخ مصر انه, وفي قراءة هادئة, بوابة جحيم تفتحها جماعة "الاخوان المسلمين" على هذا البلد, ولذلك اذا كان مرسي فعلا يؤمن بمصلحة وطنه, ويعمل لاستقراره فعليه ادراك أنه راحل, فيوفر على نفسه الخطب المنسوخة عمن سبقه الذي حين قال له الجيش:"اذهب الى شرم الشيخ واعلن تنحيك" لم يتوان لحظة عن ترك منصبه ليقينه ان بلاده لا تحتمل الفوضى والدم والدمار, كما أن هناك مؤسسة قوية وقادرة على الإمساك بزمام الامور.

على مرسي اليوم أن يدرك خطورة ما هو فيه ولا ينتظر حتى يقول له الجيش"الشعب مش عاوزك", فهذه المرة الشعب والجيش لن يكونا رحماء بمن دفّع مصرهم في سنة واحدة ما لم تدفعه في خمسين سنة.

نعم, نكررها مرة اخرى"كما تدين تدان" فالريح التي زرعها نظام الرئيس مرسي اثمرت هذه العاصفة الهوجاء, ولذلك ليس يوم الغضب الشعبي الذي اشرقت عليه شمس مصر هذا الصباح مجرد فورة تنتهي بخطبة رئاسية او بتهديد من قادة"الاخوان", بل هي صرخة غالبية شعبية يبدو انها لن ترضى بأقل من رحيل النظام, لذا ليس امام الرئيس غير خيارين للخروج مما هو فيه: إما المغادرة الى المنفى او المحكمة التي رغم حياد قضاتها ونزاهتهم المعهودة لن يغضوا الطرف عمن اهانهم واستباح كرامة القضاء.

ليقرأ مرسي أحداث الاعوام الثلاثة الماضية ويتمعن بخطب مبارك أمام الهدير الشعبي وتأليب الخصوم عليه ولنظر الى حاله ويعتبر, إذا كان هناك متسع من الوقت للاعتبار.

أحمد الجارالله



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد