د.محمد خير مامسر : بعشرة دنانير!

mainThumb

12-10-2013 12:06 PM

حينما يتحدث أحد من الحراكيين أو من يسمون بالمعارضة، أو حاسد أو طامع ...عن الفساد، فيمكن أن يقال– مثلا- من باب الجهل بالمعلومة أو الطمع بما أيدي الغير، أو اغتيال الشخصية...! لكن حينما يتحدث رجل من رجال الدولة تقلّب في مواقع كثيرة، ولديه أسرار ومعلومات، وكان من القلائل الذين يضعون استقالتهم إذا ما تقاطعت متطلبات الوظيفة مع مبادئهم، فقدمها العديد من المرات من مواقع قيادية بما فيها الوزارة – أقول: حينما يتحدث مثل هذا الرجل، فإن للمرارة طعم آخر يبقى مذاقه طويلا!

ففي كلمته التي ألقاها في حفل إشهار (زمزم) تحدث مامسر عن حالة الإحباط التي أصابته؛ مما جعله يعتزل السياسة - فهز مشاعر عدد من الحاضرين غير مرة، وأثار شجونا وشجونا، وتعالت همسات بعض الحاضرين وتعليقاتهم غير مرة أيضا!

 تحدث عن كثير مما تتحدث به الأغلبية الهامسة اليوم من تصاعد المديونية رغم التقارير التي تتحدث عن حجم المساعدات التي وصلت إلى الأردن! وأُضيف إلى كلام الوزير: ورغم رفع الحكومة للأسعار، وإلغاء الدعم عن كثير من السلع، فأين تذهب هذه الاموال؟!  ولماذا يُزاحم المواطن على القليل، بل لماذا يعيش في حالة من الوعيد والتهديد بلقمة خبزه، ودفء أطفاله كل يوم؟! في ظل بطالة تزداد يوما بعد يوم لاسيما مع منافسة اللاجئين السوريين على فرص العمل.

وتحدث مامسر عن العنف المجتمعي، ولكن، أليس عنف أي مجتمع هو مرآة حطامه؟! أو ليس الفساد هو أحد أسبابه؟ او ليس تهريب الأموال الوطنية  إلى الخارج  هو الذي حرم الشباب من فرص العمل؟! أو ليست الخصخصة غير المدروسة هى الأخرى ممَا ساهم في بيع مقدرات الوطن؟! وكذلك تآكل الطبقة الوسطى، وفتح الباب على مصراعيه أمام اللاجئين دون الوقوف وقفة حازمة إزاء ضرورة تمويل خدمتهم من كل دول العالم لا سيما دول البترول التي شجعت على الثورة، وتموّل المسلحين، وتتجاهل اللاجئين سوى من قليل لا يسمن من جوع، وتتمادى في المتاجرة بقاصراتهم.... دون أن تستقبل جزءا منهم على أراضيها ؟!

 ولماذا الأردن بمحدودية إمكاناته هو الملزم  بكل هذا العبء؟! ولماذا لا يقوم المسؤول الأردني بغير الشكوى من كلفتهم، والتباكي على ضيق ذات اليد، واقتراض المال؟! أليس في الأردن من مسؤول رشيد؟!

ولماذا لا نسمي الأمور بأسمائها ونقول : ارتفاع نسبة الجريمة في الأردن فما يحدث تجاوز العنف، فإربد الوادعة باتت تصحو كل يوم على أكثر من جريمة، حتى سجلت أكثر من 6 آلاف في شهور- حسب أقوال رئيس شرطتها- والمخفي أعظم!

 وأما استفزاز الدولة لمواطنيها، فيوصف باقتدار لا نظير له دون اهتمام منها بمعالجة الفقر والبطالة او أي مشكله أخرى، فبعض أعضاء الحكومات المتعاقبة لم  يكن لديه من برامج سوى استثمار المنصب لنفسه، ومعارفه وأصدقائه، أما المواطن الآخر، فليس عليه إلا الدفع وتحمل الرفع، وحتى في ظل اللهيب العربي، وكثرة الاعتصامات والاحتجاجات ما زالت الحكومة مستمرة في رفع الأسعار، أما الفساد الذي يقترفه بعض أعضائها  فلم يعد خافيا على أحد!

أما التعليم، ولا سيما العالي منه، فإن الحديث عن الجامعات، وما يحدث فيها يحتاج إلى غير مقال، وحسبي القول إن هذا القطاع هو الذي ما زال كثير من أفراده يقبضون على جمر الوطن خوفا على ما تبقى منه، ولأجل أن تُحفظ له بقية من هيبة، ولكن  إن لم تسارع الدولة إلى انقاذه من الغرق، وحفظ الرمق الأخير.... فيُخشى عليه من الكثير!

لكن الجزء الأكثر إيلاما من خطابه هو حادثة رواها بألم وملخصها توسطه من أجل إدخال أبناء أحد الوافدين مدرسة الحي الذي يقطنه، والنتيجة التي آلت إليها هذه الواسطة تمزيق مدير المدرسة ورقة الوزير، ورفض طلبه، ثم موافقة المدير بوساطة  أكثر تأثيرا:  رشوة وثمن بخس فقط عشرة دنانير من قبل الوافد نفسه!

بدا مامسر متأثرا جدا من الموقف، ولا أدري إن كان  تأثره بسبب انهيار منظومة القيم التي كان المجتمع يتفاخر بها لعهد قريب أم بسبب ما أصبحت عليه هيبة المسؤول الأردني، وهذا العداء الذي أصبح مستحكما بينه وبين المواطن، بل أصبحت العشرة دنانير أفضل من وساطة وزير سابق ذو وزن، أم للأمرين معا؟!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد