نداءات العجلوني واللون الأخضر في لندن !

mainThumb

30-10-2013 09:42 AM

في المقابلة التلفزيونية التي بثها التلفزيون الأردني قبل أيام كرر د. كامل العجلوني( لعل الذكرى تنفع المؤمنين) ما ردده مرات عديدة عن معاناة الأردنيين من عدد من الأمراض القاتلة، وما يتبع ذلك من كلفة إنسانية واجتماعية ومادية تقدر بمئات الملايين من الدنانير!

ما هو مثير للاستغراب أن الإنسان يسير إلى حتفه بإرادته، وبإصرار كبير، فقد بات من المعلوم أن السمنة قاتلة، وتؤدي –على الأقل- إلى 4 أمراض خطيرة هي السرطان والسكري والتوتر الشرياني واختلاط الدهون، وجميعها يمكن الوقاية من احتمالات الإصابة بها -حسب رأي الطب- بالأكل الصحي، والابتعاد عن الدهون، وقدر من النشاط.

لكن الإصرار الكبير على أكل المنسف وخلفه مباشرة الكنافة، وبطريقة اليد أو ما سماها دالعجلوني (بالكريك) إشارة إلى الكمية الكبيرة التي يتناولها الشخص وعدم القدرة على التحكم بما يأكل، إضافة إلى الإتلاف الهمجي للطعام  بعدم السماح  بالإفادة مما يتبقى منه! ومثله ما يرمى من على الموائد في المطاعم، فهذه كلها مدعاة إلى إعادة التفكير بثاقفتنا الغذائية، وعاداتنا البالية التي تؤدي بالصحة والجيوب إلى التهلكة متجاهلين الشكوى الدائمة من متاعبنا الصحية، وارتفاع الأسعار، وتزايد الفقر!

يتفق هذا الحديث مع ما هو موجود في العالم من ثقافات متغيرة حسب متطلبات الصحة، والاكتشافات العلمية، والظروف الاقتصادية، فكثير منا عرف الوجبات السريعة من بلاد الغرب، وأنا وأسرتي عرفناها تحديدا من مدينة لندن التي عشنا فيها مدة من الزمن، ولم نكن آنذاك  نسير خطوات في الشارع إلا ونجد غير واحد منها، بل كان الشباب لا يحلو لهم شرب الكولا مع الهمبرجر أو الدجاج المقلي إلا فيما يشبه دلو الماء!

وقبل سنوات قليلة عدت إليها، فلاحظت التقليل من مطاعم الوجبات السريعة، وتغيّرا كبيرا في نوعية الطعام المقدم في مطاعمهم، حيث يقدمون كمية صغيرة من الخضار مع معظم وجبات الطعام، وفي عطلة عيد الأضحى  الأخير كنت هناك، فلاحظت أن مطاعم الأكل السريع تكاد تكون غائبة بصورة ملحوظة، وبدلا منها  كان التركيز الكبير على اللون الأخضر، بل إن مركزا ضخما للتسوق افتتح مؤخرا في شرق المدينة وخصصت مساحة كبيرة منه للمطاعم لم يُترك فيه مكان للوجبات السريعة، وبدلا منها كانت مطاعم البلدان المختلفة من هندي وصيني وتايلندي... وكانت روائح الطعام العربي فيه تنعش القلب والنفس معا، وكانت هذه المطاعم المتجاورة بما فيها العربي تعرض أنواع الخضار بطريقة ملفتة، مشجعة الزبائن على الإقبال عليها، وكان من الملفت أيضا وجود أنواع كثيره جدا منها، وكأنهم باتوا يقطفون كل ما تجود به الطبيعة من الأوراق الخضراء، ويأكلونه طلبا للصحة والعافية.

إن مثل هذا السلوك الصحي يحتاج إلى تضافر جهود الجميع من حكومية وإعلامية وطبية وقطاع خاص... فعلى سبيل المثال لا يكاد يخلو متجر هناك سواء أكان صغيرا أم كبيرا وبالقرب من محطات القطارات أو الباصات من الوجبات الصحية أو السلطات الجاهزة  أو الفاكهة المقطعة أو الجاهزة للأكل كالرمان مثلا، مع الملعقة أو الشوكة، وبأسعار منطقية،  وبطريقة جاذبة تسهيلا على الناس، وتشجيعا لهم.     

لقد قلدناهم فيما يُسمى بالوجبات السريعة، وأشياء أخرى كثيرة، فهل نقلدهم بالتخلص من عاداتنا الغذائية السيئة، فنعود إلى الطبيعة، للحفاظ على صحتنا، وموارد دولتنا، ومخافة الله فيما نرمي من طعام في حين يفتقر كثير من الناس إلى القليل منه؟!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد