حوار مع كاتب جزائري حول الحمار الوحشي

mainThumb

30-04-2014 02:21 PM

لقد كتبتُ مقالا قديما عن انقراض الحمار الوحشي الذي عرفته العرب في جزيرة العرب وما حولها من بوادي الشام ، وأوْضْحتُ أن لون الحمار الوحشي العربي المنقرض هو اللون الأبيض مُدَلِّلا على ذلك بأشعار العرب الذين رأوها ومارسوا صيدَها .فاعترض أخٌ فاضل من الجزائري على مقالي وهو ( حمزة الجزائري ) ونقل بعض النقولات مُدَلِّلا على تنوع ألوان الحُمُر الوحشية وسوف أنقل اعتراضه وأجعله بين قوسين ومن ثَمَّت أقوم بتعقُّبه فيما ذهب اليه .

( فقد ورد في كلام اللغويين والأدباء ما يدل على أنَّ الحمار الوحشي لم يكن على صورة واحدة بل كان ذا ألوان.

قال الدميري في (حياة الحيوان الكبرى ص357):

«وألوان حمر الوحش مختلفة، والأخدرية أطولها عمرا وأحسنها شكلا...».

«وَقَالَ ابنُ الأعرابيِّ: الخُدْرِيُّ: الحِمارُ الْأسود». (تهذيب اللغة 7/119).

قال ابن فارس في (مجمل اللغة1/943): «اليحموم: حمار الوحش، واليحموم الأسود».

فما سُمِّي كذلك إلا لكون بعض الحُمُر أسودَ.

وقال ابن مالك في (إكمال الإعلام بتثليث الكلام2/387):

«وَإِحْدَى طرتي حمَار الْوَحْش: وهما خطان أسودان على كَتفيهِ».

فهو إذًا مخطَّط الكتفين. وفي (تهذيب اللغة9/126): «وَقَالَ اللَّيْث: القُمْرة: لَوْن الْحمار الوحْشي، وَهُوَ لونٌ يَضرب إِلَى خُضْرة».

قال الحميري (ت 573) في (شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم2/945):

«وقال أبو ذُؤَيب:

والدَّهْرُ لا يَبْقَى عَلَى حَدَثَانِهِ
.... جَوْنُ السَّرَاةِ لَهُ جَدَائِدُ أَرْبَعُ

أي: أربع أتن لا لبن فيها. وقال بعضهم: الجدائد الخطوط الأربعة على ظهر الحمار الوحشي».

فهذا يدلُّ على أنه مخطَّط الظهر أيضًا، والجَون: حمار الوحش كما في المعاجم.
والله أعلم ) .
...............................
قلتُ ( شريف ) :
جاء في كتاب ( الوحوش ) للأصمعي في الحديث عن الحمار الوحشي :

( والأَخْدَرِيَّة منها ما كان من ولد حمار يقال له : ( الأَخْدَرُ ) قال الحطيئة :

أَمِنْ لِعاديةٍ كأنَّ أوارَها
.... نَقْعٌ تَعاوَرَهُ بناتُ الأَخْدَرِ ) .

فالأخدر اسم حمار تُنْسَبُ اليه طائفة من الحُمُر... كما تُنْسَبُ بعضُ الخيل إلى ( الاعوج ) ، وقلْ ذلك في الإبل ايضا .

نقل الاخ حمزة الجزائري قول الدميري : (وألوان حمر الوحش مختلفة، والأخدرية أطولها عمرا وأحسنها شكلا... ) ولم يُكمل بقية كلام الدميري في ( وهي منسوبة إلى أخدر فحلٌ كان لكسرى أردشير ، واجتمع بعانات فضرب فيها فالمتولد منها يقال له : أخدري ) ، فان تكملة النقل تُفسِدُ عليه ما ذهب اليه ؛ فلذلك عَقَّبَ قوله بقول ابن الاعرابي !!!

أما استشهادك بقول أبي ذؤيب الهذلي :

والدَّهرُ لا يبقي على حدثانه
.... جونُ السَّراة له جدائدُ أربعُ .

ونقلتَ ذلك عن الحميري ( ت 573 ) !! فإن الرواية الصحيحة في ديوان الهذليَّين جمع أبي سعيد السكري ( ت 275 أو 290 )

عن الثور الوحشي وليس عن الحمار :

والدَّهرُ لا يَبْقَى على حَدَثَانِه
.... شَبَبٌ أَفَزَّتْهُ الكلابُ مُرَوَّعُ .

والشَّبَبُ هو الثورُ المُسِنُّ الذي تَمَّتْ أسنانُهُ ...

وقد علَّق الأصمعي على بيتٍ جاء في وصف الحمار الوحشي :

فَشَرِبْنَ ثُمَّ سَمِعْنَ حِسَّاً دونهُ
.... شَرَفُ الحِجَابِ ، وَرَيْبُ قَرْعٍ يُقْرَعُ .

( وهذا يُعابُ من نعتِ الحمار ، ينبغي أنْ لا يَصِفَ له إلا شُرْباً قليلاً ، ولكن هذا لم يرَ حمارا قطُّ ، إنما كان بين جبال . وإنما أراد أن يَصْرَعه ، بقوله :

والدَّهرُ لا يَبْقَى على حدثانِهِ
.... جَوْنُ السَّراةِ له جدائدُ أربعُ ) .

فالمقصود من ( جون السَّراة له جدائدُ أربعُ ) هو الجبلُ وألوانُه ، كما قال تعالى : ( ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلف ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود ) .

أما تفسيرُ الحميري كما نقلتَهُ أنتَ عنه : ( أربع أتن لا لبن فيها. وقال بعضهم: الجدائد الخطوط الأربعة على ظهر الحمار الوحشي ) وقمت بالتعليق عليه بقولك :

( فهذا يدلُّ على أنه مخطَّط الظهر أيضًا، والجَون: حمار الوحش كما في المعاجم والله أعلم ) .

أراه تفسيراً هزيلاً لا يتناسبُ مع صدر البيت فما الفائدة ( أربع أتن لا لبن فيها ...) !!!!!!!!!!!!!

فإن سياق البيت يُخبِرنا أن الدهر لا يبقى ساكنا بل يتقلبُ ، وكذلك هذه الجبال الشاهقة ذات الألوان السُّوْد يُصِيْبُها التَّغَيُّرُ والقوارضُ من الرياح والأعاصير .

فكيف يكون ظهرُ ( سراة ) الحمار أسود ( جون ) وفي نفس الوقت على ظهره أربعُ خطوط سود ؟!!!

فكلمة ( جدائد ) تعرفُ معناها من قول الله تعالى في ( جدد بيض ) في وصف الجبال .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد