الاعتصامات في العقبة ومن المستفيد ؟

mainThumb

27-10-2014 09:18 PM

مدينة العقبة الساحلية ونظرا لموقعها الجغرافي هي منطقة عمل بالدرجة الأولى ، لوجود أهم واكبر المؤسسات الوطنية مثل مؤسسة الموانئ والفوسفات والأسمدة وغيرهم الكثير الكثير ، وتشهد هذه المؤسسات في العقبة اعتصامات وإضرابات عن العمل لأجل مطالب عمالية عادلة لا يفهما أولئك البيروقراطيون الجالسون في مكاتبهم الفارهة ومرفهين بخدمات لا يحصل عليها رؤساء دول في العالم الديمقراطي بسبب سياسة  الفساد وإلافساد وتسلق الطبالين والزمارين والمخبرين على حساب أهل الكفاءات والخبرة ، هؤلاء ليس لديهم ثقافة وأسلوب الحوار وكل ما يعرفونه استدعاء قوات الدرك واستخدام القوة كما حصل في اعتصامات مؤسسة الموانئ من عام 2009م حتى آخر اعتصام وهو لشركة ميناء الحاويات .

وهنا يبرز السؤال ، لماذا كل هذه الاعتصامات والإضرابات ولماذا تعطلت لغة الحوار بين العمال وممثليهم من جهة والمسئولين في العقبة من الجهة الأخرى؟ .

للأسف الإدارات المتعاقبة في مؤسساتنا الوطنية ولا سيما الموانئ والحاويات وإدارة المفوضية بشكل خاص تعاملت مع تلك الاعتصامات بالإطار الأمني القمعي وكانت التقديرات لهؤلاء خاطئة ، وعلى سبيل المثال اعتصام 2009م ، أجمعت كل الإدارات الفاشلة في العقبة أن محرك ذلك الاعتصام ورأسه هو الفقير لله كاتب هذه السطور ، واعتقل من بيته ما بعد الساعة الواحدة والنصف فجرا على طريقة زوار الفجر معتقدة تلك الإدارات أن فض الاعتصام سيكون سهلا مع تدخل قوات الدرك وسيذهب الجميع لعمله ، ولكن نسوا أو تناسوا هؤلاء الأغبياء أن المحرك للاعتصامات والاضرابات ليس أشخاص ولكنه الظلم والقهر والتغّول ، حيث استبسل المعتصمون في الموانئ في ذلك الوقت حتى تمكنوا من تحقيق بعض مطالبهم وكالعادة أبرمت الادراة صفقة بعد ذلك مع مجموعة من العاملين من أعضاء اللجنة الذين انشقوا ونجحت في ذلك مؤقتا وقامت الجهات المعنية بالتآمر على كاتب هذه السطور معتقدين أنهم سيقضوا على كل اعتصامات الموانئ بمجرد إبعاده ، ولكن سرعان ما ثبت أنهم في واد والحقيقة في واد آخر ، وعادت الاعتصامات والإضرابات بعد النقل لأن المحرك هو الظلم والقهر الجماعي كما أسلفت وليس أي شخص مهما كانت طبيعته وقدراته ، والقبضة الأمنية والصفقات المشبوهة من خلف الكواليس التي لجأت لها الإدارات كما حصل عام 2009م ، أثبتت فشلها .

    ويبقى السؤال من هو المستفيد من تأزم الأوضاع العمالية في العقبة تحديدا ومن المستفيد من الخسائر التي تتكبدها مؤسساتنا الوطنية التي تفوق أضعاف أضعاف ما يطالب به العاملون كأبسط حقوقهم ، وقد اعترف رئيس المفوضية نفسه بأن الخسائر اليومية لاعتصام الحاويات مثلا تكلف الآف الدنانير ، ولكن يبدوا من سير الأحداث أن هناك جهات رسمية لها مصلحة في الإضرابات في محاولة لتصوير أنفسهم إطفائية حرائق إضافة للبزنس الذين يتقاضونه في جلسات الأنس ، والأهم في ذلك استمرارهم في مقاعدهم .

إن إضرابات العاملين في العقبة لها أسباب  كثيرة وهي تختلف عن الإضرابات الأخرى نتيجة غلاء المعيشة  في العقبة وأجور السكن التي تختلف عن أي منطقة أخرى مهما كان الدخل الذي يتقاضاه  العاملون ، ووزير الداخلية صرح  بأن رواتب العاملين في الموانئ والحاويات أعلى رواتب ولكنه لا يعلم أن العاملين في الموانئ وشركة الحاويات عملوا قبل ذلك بأقل الأجور عام 2009 م، وفي أغلى المدن ، وميناء الحاويات تديره الآن شركة أجنبية وقياس الدخل للشركة وليس من الحكومة ومطالبة العاملين في شركة الحاويات أيدها اتحاد النقابات العالمية المستقلة وليس اتحاد العمال هنا للأسف ، ولو أن إدارة الشركة التزمت بما وقعت عليه لم يكن هناك داعيا للإضراب ولكنها العقلية العرفية التي وراء كل تلك الإضرابات ، تلك العقلية التي زالت أسيرة سياسة الخمسينات القمعية التي عقبت حل الحكومة الوطنية النابلسية المنتخبة ولأول وآخر مرة في تاريخ الأردن الرسمي حتى الآن .
 
إن هذه الاعتصامات طرحت أيضا سؤال وهو ,أين نواب العقبة تحديدا باستثناء السيد محمد الرياطي الذي يشهد له الجميع أنه منحاز لقضايا الوطن وعماله كما يقول 95% من الشارع الأردني في العقبة تحديدا .
والاعتصامات في العقبة تدل على فشل مفوضية العقبة بامتياز 100% وإدارة  المؤسسات والشركات ، لذلك زادت الإضرابات وربما تسمر طالما وجد الظلم الوظيفي والبلطجة الأمنية والاستهانة بإنسانية الإنسان وتعليق أخطاء الإدارات على الشماعات كما حصل عام 2009 م، مع كاتب هذه السطور حيث ثبت لكل ذي عقل راجح يهمه مصلحة الوطن أن النقابات الديمقراطية المنتخبة هي خير من يمثل مصلحة العاملين بها وشركة الحاويات مثالا صارخا على ذلك عكس مؤسسة الموانئ التي لم تتوفق في نقابتها الأولى وجاءت الثانية أشبه بالتعيين ، وكان الأفضل أن يستفيد العاملون في مؤسسة الموانئ أين أخطأوا وأين أصابوا ليستفيدوا بانتخاب الأفضل ، وليس التعيين أو التزكية .


لذلك ندعو المسئولين في العقبة أن يتقوا الله في وطنهم وأمانتهم وأن يغلّبوا لغة الحوار على لغة العصا والمواعيد والتمثيل الفاشل الذي يجيده البعض جيدا ,
وفي النهاية تبقى مطالب العمال حقا مقدسا في إطار النظام والقانون .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد