عمر الفاروق والصحابة والمعارضة !

mainThumb

05-01-2015 12:50 PM

لقد كان سيدنا عمر بن الخطاب "رضي الله عنه" من اصحاب الرأي الآخر، او ما يسمى –تجاوزا"- بالمعارضة في هذه الايام من عصرنا ! فقد اوصى رضي الله عنه برأي مخالف في عهد رسولنا الكريم في ثلاثة عشر موقفا حاسما وتنزلت آيات بينات توافق رأيه، وهذا متوفر في كتب السنة السمحة. اما في هجرته الى المدينة المنورة، فكان له طريقة اخرى، عندما هاجر الرسول واصحابه سرا فهاجر علنا. واما في الدعوة للاسلام "من السر الى العلن" فكانت طريقة اسلامه عونا وسندا على الدعوة العلنية للاسلام في مكة المكرمة قبل الهجرة. وفي عهد ابي بكر الصديق رضي الله عنه كان ما بين موال للخليفة ومعارض له كما في حرب المرتدين، وكذلك في تولي سيدنا خالد ابن الوليد قيادة الجيوش في الشام، وهذا مكتوب في كل تلك السير، وتم سرده وتوثيقه وتأصيله، ومتوفر في المراجع الدينية والتاريخية. اما في عهد الفاروق كخليفة وامير للمؤمنيين فقد كان معجبا بمعارضة سيدنا علي كرم الله وجهه، ورأيه المعارض وتأويله وتأصيله وقياسه واجتهاداته. اما سيدنا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه فقد كان يعتقد بالتصويت على المسائل الضرورية والهامة كما في تولية ذو النورين سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه. اما استنتاجي المتواضع فهو ان قوة الاسلام في عهد الخلافة الراشدة ونهجه، فقد كان يرفده مدرستين هامتين وهما، مدرسة الادارة والقوة والعدالة واميرها وزعيمها سيدنا عمر بن الخطاب، اما المدرسة الثانية فهي مدرسة القضاء والفهم الإنساني والقياس واميرها وزعيمها سيدنا علي ابن ابي طالب كرم الله وجهه. وهما الشخصيتان الكبيرتان صاحبتا الدور الكبير والمؤثر في صدر الاسلام، واللتين ما زالتا تتصدران المشهد منذ اربعة عشر قرنا، حيث قام المستشرقين والمستغربين وطوائف اسلامية كثيرة بمحاولات التفريق بينهما رضي الله عنهما وارضاهما، ووضعهما في مواقف متناقضة. هذه صورة الري الآخر في حقبة صدر الاسلام في عهده الاول، اما في العهود التي تلت وهوالعهد الاموي والعباسي فقد تم عزل المعارضة والرأي الاخر وخنقه اما في غياهب السجون واما بتعذيبه وقتله واعتباره من المحرمات وربما من الموبقات السياسية الخطيرة على الدولة، وهو ما استمرت به بعض الحاكميات العربية ولاسلامية حتي عهدنا المعاصر، فتخلفت الامة وتهاوت السيادة وفقد المواطن حقوقه بسبب اعتبار الرأي الآخر زيادة عن الحاجة، يهدد بالويل والثبور وعظائم الامور. اما الموالون والمقربون وكثير منهم على شعبة من النفاق والتزلف وطمعا في الإرتزاق غير المبرر شرعا فينعمون بالمكاسب والمناصب ومال السحت في جيوبهم وقاصاتهم وكثير من البنوك في بلدانهم وخارج بلدانهم.


وهنا اود ان اكتب بأن سبب ما ورد في نص هذا المقال هو غيرتي واسفي بعد صدور كتاب جديد حديثا لرئيس جامعة هارفرد عن الديمقراطيات العملاقة في عام 1916 والذي وصفها، اي الديمقراطيات الغربية في بريطانيا وفرنسا والمانيا والولايات المتحدة الامريكية بأنها اكبر هديه اخترعته البشرية في تاريخها، علما بأنه لا يوجد باحث عربي ولا اسلامي منصف انصف صدر الاسلام في الشورى كما ينبغي ليخاطب به علماء اليوم في الغرب والشرق ليقول لهم ان الاسلام سبق الجميع من الباحثين بالممارسات الديمقراطية الشورية في الحكم وتداول السلطة افضل من مفاهيمهم هذه الايام، الذي ظلم فيه الاسلام الحنيف ووضع في بوتقة التطرف وادخل عنوة في عنق زجاجة ضيقة من الصعوبة بمكان الخروج منها الا بكسر تلكم الزجاجة التي لا تقبل الاستطالة ولا التوسع في عنقها الضيق الذي خنقنا ويخنقنا جميعا.
والله من وراء القصد، والى غد مشرق جديد.

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد