ماذا بعد ..

mainThumb

08-02-2015 11:22 AM

استشهاد الكساسبة صفحة مؤلمة تلك ستمر  مع الأيام ولكن الذكرى ستبقى ندبها وآثارها محفورة في أعماق الأردنيين وسائر المسلمين وغير المسلمين في كافة أصقاع المعمورة. نعم ستبقى الذكرى تشهد على المستوى الوحشي الذي وصل إليه التفكير الإجرامي المنحرف في الإساءة للإنسانية، وسيبقى اسم الشهيد الكساسبة نبراسا وشاهد على شموخه وشجاعته  وهو يخطو خطواته الأخيرة مرفوع الرأس ،عالي الهامة ، مواجها للموت بعزة وثبات عز نظيرهما.


نعم ماذا بعد استشهاد معاذ وماذا بعد هذا الاصطفاف الأردني وتجاوز أثار هذه المحنة على لحمة النسيج الوطني؟ هل توحد الأردنيين حول قضية الطيار الشهيد يعني  أن هناك دعما وتفويضا سياسيا وجماهيريا بالانخراط التام والطويل الأمد في هذه الحرب أم أن هذا الدعم الشعبي هو فقط للرد على ما اقترفه داعش من وحشيه؟ وماذا لو تكرر المشهد أو انزلقنا في حرب برية يمكن أن تستنفذ قدراتنا المحدودة أصلا ؟وهل تزايد الدور الأردني في التحالف يجعل الأردن يخوض حربا بالوكالة عن دول أخرى تبعد آلاف الأميال عن ساحة المعارك وعن تواجد تنظيم داعش؟ ونتساءل أيضا هنا عن هامشية مشاركة دول عربية محورية مثل مصر في هذا التحالف رغم تواجد داعش على الأراضي المصرية عبر ما أسمته داعش إمارة سيناء؟


الغارات الجوية الأردنية في اليومين الماضيين على مواقع داعش في الرقة والموصل وتحليق  الطائرات العائدة من هذه الغارات فوق ديوان آل الشهيد الكساسبة في بلدة عي ربما خففت عن الأردنيين وعائلة  الكساسبة وانتقمت لروح الطيار الشهيد ولكن ماذا بعد شهر أو شهور هل يتم تورط الأردن بشكل يفتح على المملكة جبهات قتال على حدوده الشرقية والشمالية ؟


ردود الأفعال والإجراءات الرسمية والعسكرية والإعلامية والشعبية الأردنية سجلت نجاحا بارعا في التجاوب مع الحدث الجلل وامتصاص تداعياته وآثاره .لقد أصبح  دخول الأردن في التحالف ضد داعش الذي كان محل جدل وتعدد في الآراء والمواقف يحظى بغطاء شعبي أكبر بكثير مما كان يتمناه النظام السياسي ولكن ذلك باعتقادنا آني ولن يستمر لفترة طويلة خصوصا إذا ما بدأنا نرى قتلى وجرحى وأسرى آخرين وهذا ليس ببعيد الحدوث في الحروب العسكرية.


النظام السياسي مدعو إلى مراجعة عقلانية ودراسة إستراتيجية متأنية من الناحيتين العسكرية والسياسية بعيد عن الشحن والتأثر العاطفي الذي تم التجاوب معه بمهنية وحذاقة. مواقف الدول وانخراطها في حروب عصابات ومليشيات قضية حساسة وفيها استدراج للمملكة وجيشها وشعبها للدخول في أتون حرب استنزاف لمقدراتنا العسكرية والبشرية والاقتصادية خصوصا وأن الجيش الأردني  هو الجيش العربي الوحيد في منطقة الشرق الأوسط الذي لم يستنزف بعد وما زال محافظا على قوته مقارنة بالجيوش السورية والعراقية والمصرية واليمنية .الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وكندا تنأى بنفسها عن مثل هذا التورط وإرسال قوات برية تحارب على الأرض وهذا في حقيقة الأمر يضع شكوكا حول جدية هذه الدول في إنهاء هذا التنظيم. ليس بمقدورنا أن نصدق أن أمريكا بعظمتها وهي تمتلك أفضل التكنولوجيا العسكرية في العالم ولها من الإمكانات ما هو ليس متاحا لأي دولة أخرى أن هذه الدولة العظمى تحتاج  حسب تصريح أوباما بين ثلاث إلى خمس سنوات لتهزم تنظيم الدولة.لم نرى أو نسمع من تنظيم داعش أيضا أي تهديد أو تلويح بالتهديد للكيان الصهيوني في فلسطين علما بأن مقاتليه يكمنون على بعد كيلومترات قليلة من القوات الإسرائيلية في الجولان!!.  نعم شكوك كبيرة تحوم حول ما تريده أمريكا وما تأمل أن يحصل في الشرق العربي من مخططات تقسيم وتجزئة وسيطرة على المقدرات آخذين بالحسبان ما تضمنته مذكرات وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلنتون من أن الولايات المتحدة هي التي أنشئت تنظيم داعش ووضعت له الخطط والهدف هو تقسيم المنطقة. نعم بدأنا نشك في نوايا أمريكا والغرب وعدم فعالية تعاملهم مع تنظيم داعش في الوقت الذي لم يستغرق القضاء على الجيش العراقي  والدولة العراقية أكثر من أسبوعين!!!!
 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد