مالكُ بن الرَّيْبِ ، وَحَنِيْنُهُ للديار !
لقد تَمَيَّزَ العربيُ عن غيرِهِ في زيادةِ حُبِّهِ للديار التي تَرَّبى بها ، وكانتْ دارَ صِباه ، والقَصصُ في ذلكَ كثيرةٌ لا يأتي عليها العدُّ سواء عند الرجال أو النساء ، وحبُّ الأوطان من الغرائز التي يشتركُ فيها الانسانُ والطيرُ والحيوان ، وما يُشاعُ في أوساط العوامِ : ( أنّ حُبَّ الأوطانِ من الإيمان ) ، وينسبونه للرسول – صلى الله عليه وسلم – فلا يَصِحُّ ولا يَثْبُتُ .
وقد قرنَ اللهُ – عزَّ وحلَّ – الخروجَ من الوطن بالقتل ، قال تعالى :
(ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما ولهديناهم صراطا مستقيما ).
فتركُ الأوطان شَبيْهُ القتل ، فالجسمُ هو موطنُ الروح ، والوطنُ موطن الانسان ، فوقعُ الخروجِ من الوطن ، كوقعِ خروجِ الروحِ من الجسد !
فلذلك قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – لورقة بن نوفل – رضي الله عنه – في القصة المشهورة : ( أَوَمُخْرِجِيَّ هم ) ؟! أي من مكة .
فلا يَحِنُّ للوطن إلا أصحابُ المُروءات ، والمعادنِ الكريمة ، وقد نصَّ على ذلك غيرُ واحدٍ من الأُدباء ، حتى عَدُّوا ذلك في كرائم الإبل وخاصةً المهريَّة منها ، نسبةً إلى بلاد مهرة !
فهذه أعرابية تَحِنُّ لموطنها ومواردِ الماء التي كانت تعرفها ، وتَرِدُ عليها :
وما ذنبُ أعرابيَّةٍ قَذَفَتْ بها
..... صروفُ النَّوى من حيثُ لم تَكُ ظَنَّتِ
تَمَنَّتْ أَحَاليبَ الرُّعاةِ ، وخيمةً
..... بنجدٍ فلم يَقْضِ لها ما تَمَنَّتِ
إذا ذَكَرَتْ ماءَ العُذَيْبِ ، وَطِيْبَهُ
..... وَبَرْدَ حَصَاهُ آخِرَ الليلِ حَنَّتِ
لها أَنَّةٌ عندَ العِشاءِ وَأَنَّةٌ
..... سُحَيْرًا، ولولا أنَّتاها ؛ لَجُنَّتِ .
فالحنينُ للوطن يُنْبِتُ الأنَّاتِ ، وَيُكْثِرُ الآهاتِ ، فهذه المرأةُ تَحِنُّ لبلادها في نَجْدٍ ، وتتشوَّقُ لماء العُذَيْبِ عسى أن يُطْفِئَ غُلَّةَ التحنانِ والأشواق .
ولا تَغيبُ عنا قصَّةُ ميسون الكلبية زوجِ معاويةَ – رضي الله عنه - لما سَكَنتْ قُصورَ الشام ، كيف حَنَّتْ لبلادها نجد حنين الواله المُتْعَبِ ، وفضَّلتْ بيتَ الشَّعْرِ على قُصورِ دمشق !
وهذا مالكُ بن الرَّيْبِ المازني التميمي الذي كانَ أوَّلَ أمرِهِ قاطِعَ طريق ، ومن شُطَّار العرب ، فَمَنَّ اللهُ عليه بالهداية ، وأصبح يغزو في سبيل اللهِ مع حفيدِ عثمان – رضي الله عنه – في بلاد خرسان ، وأثناء سيرِهم في غزوة ؛ لَدَغَتْهُ أفعى ، فقال - قُبَيْلَ موتِهِ - مُتَشَوِّقاً لديارِه :
أَلا ليتَ شِعْري هل أَبِيْتَنَّ ليلةً
..... بوادِي الغَضَى أُزْجِي الِقلاصَ النَّواجِيَا
فَليتَ الغَضَى لم يَقْطَعْ الرَّكبُ عَرْضَهُ
..... وَلَيْتَ الغَضَى مَاْشى الرِّكابَ لياليا
لقد كان في أهلِ الغَضَى لو دَنَا الغَضَى
..... مَزَارٌ ، ولكنَّ الغَضَى ليس دَانِيَا .
فهذه ثلاثةُ أبيات بدأ مالكُ بن الريب قصيدَتَهُ بِهِنَّ ، وهو يُغادِرُ هذه الدنيا ، فلا ذِكْرَ إلا لوطَنِهِ ، وما فيه من الشُّجيرات ، فقد جاء ذِكْرُ ( الغضى ) – وهو من شجر الصحراء – ستَّ مرَّات ، إزدحامٌ في الذاكرةِ ، وهذا الازدحام في ذِكْرِ الغضى ، لهُ دِلالاتُهُ النَّفْسية ، منها :
1 – أنَّه من مواليد الغضى ، وبلاد الغضى ، فكان ثرى الغضى أوَّلَ مُلامِسٍ لِجِلْدَتِهِ عند الولادة ، كما كان الغضى آخرَ شيءٍ جاء على لسانه من أشياء الدنيا !!
2 – الغضى من أعظم أنواع الشجر ، نارا ، وجمرًا ، وحرَّا ، فلذلك كَثُرَ ذِكْرُهُ في حُرْقَةِ أفْئِدَةِ المحبين والعاشقين ، فجوفُ مالك بن الريب مُلْتَهِبٌ حنيناً لوطنِهِ ، وملاعِبِ صِبَاه !
الاحتلال الإسرائيلي يصدر قرارا بهدم 25 مبنى في مخيم نور شمس
المواصفات والمقاييس: المدافئ المرتبطة بحوادث الاختناق مخصصة للاستخدام الخارجي
سريلانكا: ارتفاع حصيلة ضحايا إعصار "ديتواه" إلى 643
7 قتلى في غارة جوية بطائرة مسيرة استهدفت مستشفى في السودان
الأردن يدين هجوما استهدف قاعدة أممية للدعم اللوجستي في السودان
بدء تشغيل مشروع استراتيجي لتعزيز التزويد المائي في عجلون
الهجرة الدولية: 905 نازحين جدد من جنوب كردفان السودانية
الاتحاد الأردني يوضح آلية شراء تذاكر النشامى في كأس العالم 2026
مهم بشأن الرسوم المدرسية للطلبة غير الأردنيين
إحالة مدير عام التَّدريب المهني الغرايبة للتقاعد
صرف 5 ملايين دينار معونة شتوية لأكثر من 248 ألف أسرة
ميسي يعلّق على مواجهة الجزائر والأردن في مونديال 2026
سوريا وفلسطين إلى ربع النهائي كأس العرب .. خروج تونس وقطر
بلدية أم الجمال تعلن عن وظائف في شركة تغذية
وظائف شاغرة في وزارة العمل والأحوال المدنية .. تفاصيل
إطلاق أطول رحلة طيران تجارية في العالم
وظائف في مؤسسة الاقراض الزراعي .. الشروط والتفاصيل
باراماونت تقدم عرضًا نقديًا مضادًا للاستحواذ على وارنر براذرز
فصل نهائي ومؤقت بحق 26 طالباً في اليرموك .. التفاصيل
المفوضية الأوروبية تحقق مع جوجل بسبب الذكاء الاصطناعي
اكتمال ملامح ربع نهائي كأس العرب 2025 .. جدول المباريات إلى النهائي
مدعوون للتعيين في وزارة الأشغال .. أسماء


