فلسطينُ وعراقةُ ساكنيها

mainThumb

30-04-2015 12:43 PM

فلسطين بلادٌ مباركة ، جاء ذِكْرُها في مُحْكم التَّنْزيل ، وقد وَطِئَ ثراها سيدُ المرسلين – صلى الله عليه وسلم – في حادثة الإسراء والمعراج ، وقد ذكرها الرسول – صلى الله عليه وسلم – في أحاديثَ كثيرة ، كل ذلك دعا العربَ زمن الفتوحات إلى استيطانها ، واتِّخاذها دارا ومقاما ، وهي موطنُ كثيرٍ من العرب قبل الاسلام خاصة العرب اليمانية مثل جذام ، وطئ وعاملة وبطون قضاعة – على الخلاف الذي في نسب قضاعة – ومما يؤكد ذلك حديث الصحابي الجليل تميم الدَّاري اللخمي – رضي الله عنه – كما هو في مسلم :

( ... قال: إني ، والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة ، ولكن جمعتكم ، لأن تميما الداري ، كان رجلا نصرانيا ، فجاء فبايع وأسلم ، وحدثني حديثا وافق الذي كنت أحدثكم عن مسيح الدجال ، حدثني ؛ أنه ركب في سفينة بحرية ، مع ثلاثين رجلا من لخم وجذام . فلعب بهم الموج شهرا في البحر ، ثم أرفؤا إلى جزيرة في البحر حتى مغرب الشمس . فجلسوا في أقرب السفينة ... ) .

ثم أخذ الدجال يسألهم عن مناطق من ديارهم ، هم بها أدرى وأعرف ، مثل ( عين زُغَر ، ونخل بيسان ، وبحيرة طبريا ) ، وكلها مواطن في أرض فلسطين المباركة . فهم من قبيلتي لخم ، وجذام وهما إخوةٌ .

وقد ذكر أهل التاريخ اسلام فروة بن عمرو الجذام ، الذي أهدى بغلةً لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال ابنُ الجوزي – رحمه الله - :

( كان فروة عاملا للروم فأسلم ... ) .

وقد بلغ ملكُ الروم إسلامُ فروة الجذامي ، فبعث من يقتله ، فراوده على الرجوع إلى النصرانية وترك الاسلام ، فأبى ؛ فصلبوه على ماء يُسَمَّى ( عفراء ) من أرض فلسطين .

فهي مواطنُ القحطانية من غابر الأزمان ، وهي أمُّ اليتامى كما كان يُطْلِقُ عليها الناس إلى عهد قريب .

وقد سكنها أيضا من العرب العدنانية ، وخاصةً كنانة المضرية ، ونجد ذلك في أخبار الشاعر الخليع مطيع بن إياس الكناني ، فأبوه من أهل فلسطين خرج مع المدد الذي بعثه عبدالملك بن مروان إلى الحجاج بالكوفة ، فتزوَّج إياس هناك وَوُلِدَ له الشاعر مطيع .
وجد ذكر أبو فرج الأصفهاني أن مطيعا الشاعر كان حاضرَ الجواب وصاحب نادرةٍ :

( أخبرنا أبو الحسن الأسدي ، قال : ذكر موسى بن صالح بن سنح بن عميرة أن مطيع بن إياس كان أحْضَرَ الناس جوابا ونادرة ، وأنه ذات يوم كان جالسا يُعَدِّدُ بطونَ قريش ، ويذكرُ مَآثِرَها ومفاخرَها ، فقيل له : فأين بنو كنانة ؟ قال :  بفلسطين يُسْرِعونَ الرُّكُوبا  أراد قولَ عبيد الله بن قيس الرُّقَيَّات :

حِلَقٌ من بني كنانةَ حولي
.................. بفلسطينَ يُسْرِعونَ الرُّكوبا ) .

فهذه الرواية تؤكِّدُ تواجدا لا بأسَ به لِكنانة في ديار فلسطين ، فالبيت أشار إلى كَثْرَتِهم من قوله : ( حِلَقٌ ) وكلمة ( حولي ) مما يُدَلِّلُ على توافرِهم في تلك الديار الشامية ( فلسطين ) .

ومن الملاحظ أن أبا فرج الاصفهاني يَذْكُرُ رواياتِه بالأسانيد – وإنْ كانت أسانيدُهُ هَشَّةً – وهو من أهل الأدب واللغة ، وذلك لِتَأَثُّرِه بمنهج أهل الحديث الفَذِّ كما أفادنا بذلك شيخنا الهمام ربيع بن هادي .

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد