شبابنا

mainThumb

23-08-2015 10:10 AM

يوم الجمعة الماضي ، عقد في مدارس "كنغز أكاديمي "، بمحافظة مأدبا   في الأردن ، مؤتمر   المنتدى   العالمي  للشباب والسلام والأمن  ، إفتتحه  سمو الأمير  الحسين ، وقال فيه عن الشباب كلاما طيبا ، و قامت الصحف مراءاة للأمير بفرد مساحات  واسعة لتغطيته ، كما أننا سمعنا ومن منطلق  الفزعة  ، ولإرضاء  سمو الأمير والعزف على وتره  كشاب ، كلاما جميلا عن الشباب ، وهذه بطبيعة الحال  تصرفات المسؤولين في الظروف العادية ، فما بالك وهم  يتحدثون في حضرة سمو ولي العهد؟
معروف أن المجتمع الأردني ، مجتمع فتي ، بمعنى أن نسبة الشباب فيه تزيد على النصف بكثير ، ومع ذلك نجد أن شبابنا  ذكورا وإناثا ، تطحنهم الأزمات  بدءا من المناهج المدرسية وطريقة التدريس "التلقين" ، ومأساة  التوجيهي التي لا حل لها ،لأننا لا نملك مسؤولين تربويين منهجيين ، وبالتالي يكون التوجيهي أول  صفعة موجعة لشبابنا ، لأن هذا الإمتحان  التحول  ، ليس مبنيا على أسس علمية سليمة ،  وإنما هو إمتحان  تقليدي يشكل رعبا  إضافيا ،  على ما يعانيه الأهالي من رعب  ، بسبب عدم وضوح السياسة التعليمية .


 وبعد مأساة التوجيهي  يواجه شبابنا  مأساة أكبر وهي القبول في الجامعة  وتلقي العلوم ، بطريقة لا تختلف عن تلقين المدارس ، إذ أن  مدرس الجامعة  ، ما يزال  يتقمص شخصية مدرس المدرسة  ، مع أنه يجب أن يكون  مرشد بحث للطلبة  ، وليس ملقن  كلام  بهدف الحصول على علامة النجاح  ، بعيدا عن المحتوى  وصقل شخصية الطالب.


مآسي الشباب في الجامعة  لا حدود لها  ، فلا عدالة في القبول ولا في النقل والتحويل ، فهناك فوضى عارمة   تسطع منها رائحة الفساد  ، ومن هذه الأوجه  الإستثمار في التعليم ، وهذه مأساة المآسي ، لأن  الغيلان  الذين  يستثمرون في التعليم ،  إختطفوا  ذلك من الدولة التي يجب عليها أن لا تفرط في هذه الميزة ،  كونها حكرا على الدولة  وخطاأحمر في مجال الأمن القومي  ، شأنها شأن الغذاء والدواء والماء  ،  التي  إنسحبت منها الدولة وسلمتها لغيلان الإستثمار  ، ومنهم شركات أجنبية لا يهمها سوى جني الأرباح ليس إلا.


وأتحدث هنا عن الأقساط التعليمية المرتفعة  التي تستوفى من أولياء الأمور ، ولاتتناسب مع الخدمات التعليمية التي تقدم للطلاب ،فناهيك عن سوء التعليم ،فإن هناك جامعات تستوفي أقساطا عالية  وبلا وجه حق ولا تقدم حتى الخدمة التي إستوفت عنها  الرسوم الإضافية.


بعد مأساة الرسوم وطريقة التلقين في الجامعة بعيدا عن البحث العلمي ،  يصفع الشاب الخريج  بعدم وجود فرصة له في السوق المحلية ، ومحظوظ من يجد له فرصة في دول الخليج العربية  ، التي أغلقت  أسواقها في وجه الأردنيين  منذ تسعينيات القرن المنصرم ،  لأسباب عديدة منها السياسي  ومنها   محاولة إدخال العمالة الوطنية إلى سوق العمل  .


وهناك مأساة اخرى وهي أن على  الجهات المختصة  أن تسهل  للشباب الدخول في الأحزاب التي تقوم بترخيصها ، حتى لا يقال أننا نوافق على / ونؤسس أحزابا وهمية   لتلميع البعض السهل في تنفيذ الأجندات، ومعروف أن مرحلة الجامعة هي مرحلة التفتح والتأسيس للوعي الوطني ، وبدون الدخول في الأحزاب ، فإن شبابنا سيبقى على حاله.


كل ذلك يقودنا إلى خنادق أوسع من المآسي منها  المخدرات  والفراغ  والكبت  والتطرف  بسبب الفشل في البدء ببناء مستقبل زاهر ،كما تغنى المسؤولون في حضرة سمو ولي العهد ،والسؤال هنا  كيف يحصل الشباب على المخدرات ، ومن يدخلها للبلاد ويتاجر بها ، ونحن  لدينا حدود محروسة  ، نوفر الأمن والأمان لجميع الجيران ؟


المأساة  الأخرى التي يعاني منها شبابنا وتطحنهم  ، هي  العنوسة  الناجمة عن عدم التخطيط  والحزم  في هذا المجال ، وهذا ما جعل الطمع  يسيطر على  كثير من الأسر التي ترى في زواج بناتها تجارة لا تبور ،وتضع شروطا خانقة حتى على من يتقدم لخطبة  إحدى بناتها ،من خلال  أرتفاع المهور والمتطلبات  وفي المقدمة  الحفلة في فنادق الخمس نجوم ، ويتوجب  التركيز على   موضوعي الخلع والطلاق هذه الأيام.


الإهتمام بالشباب لا يأتي من خلال تدبيج الكلمات الرنانة أمام ولي العهد ،  بل بدراسة مشاكل الشباب وإعطائها الأولوية في الحلول ، وإعادة النظر في النظم التعليمية المختلفة ، وإلغاء الإستثمار في التعليم ،  وتحرك رجال الدين على الأقل جديا للدعوة  إلى تسهيل الزواج وتخفيف المهور والشروط ما أمكن ، فشبابنا هم رأسمالنا  .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد