هل تكون السعودية أول العائدين الى إيران؟

mainThumb

08-03-2016 10:01 AM

منذ سنوات والحرب غير المباشرة بين إيران والسعودية قد أوجدت الكثير من الأزمات وأصبحت العديد من الدول لاسيما سورية والعراق واليمن والبحرين ولبنان ساحات مفتوحة للمواجهة بين البلدين بالنيابة، فإيران تتهم السعودية بدعم الجماعات الإرهابية في سورية، والعدوان العسكري على اليمن، بالمقابل ترد السعودية على اتهام إيران بدعم الشيعة في العراق ونظام الرئيس الأسد في سورية وحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، ولكن العلاقات  توترت بشكل قوي بعد قيام السلطات السعودية بتنفيذ حكم الإعدام بالداعية نمر النمير الذي كان ينتقد العائلة المالكة في السعودية، فضلاً عن إعلان السعودية وحليفاتها من دول المنطقة لإرسال 150 الف عسكري الى سورية للدفاع عن المعارضة المسلحة وإسقاط النظام السوري بالقوة كما حدث في ليبيا.
 
على الرغم من وجود ملفات خلافية تسببت مجتمعة في حصر العلاقة بين إيران والسعودية  في إطار التوتر والمنافسة، أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني في مؤتمر صحفي في طهران أن مجموعة من السياسيين الإيرانيين قد تزور العربية السعودية قريباً، وقال في حديثه الأحد 6 آذار:" لم تكن لدينا اتصالات مع  العربية السعودية في الفترة الأخيرة، ولكن من المحتمل أن يزور وفدنا هذه الدولة في القريب العاجل"، ونوه بأنه  "تم ترتيب العمل بين الدولتين في مجال منح تأشيرات الدخول".
 
وفي وقت سابق قال وزير خارجية إيران  محمد جواد ظريف إنه يجب على إيران والسعودية تجاوز العلاقات المتوترة والعمل من أجل الاستقرار في سورية والشرق الأوسط، مشدداً على النظر للمصالح المشتركة بين البلدين، كما أكد ظريف في مؤتمر ميونيخ للأمن -بعد ساعات من كلمة لنظيره السعودي- "ينبغي أن نعمل معاً"، مضيفاً أنه "لا يمكن أن تستبعد أي من إيران والسعودية الأخرى من المنطقة"، وأبدى ظريف استعداد  طهران "للعمل مع السعودية"، قائلاً إنه "يمكن أن تكون لإيران والسعودية مصالح مشتركة في سورية"، وأكد الوزير الإيراني وجود إمكانية لتحديد التحديات المشتركة، خاصة التي تمثلها مجموعات مثل  تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة التابعة  لتنظيم القاعدة وقال ظريف إن "المتطرفين يشكلون تهديدا على أشقائنا في السعودية مثلما يمثلون تهديداً على باقي المنطقة، ونحن مرتبطون بمصير مشترك"، وفي الإتجاه الآخر أعلن المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية، إطلاق سراح كافة الموقوفين باتهام الإعتداء على السفارة السعودية، وعددهم154 شخصاً.
 
وفي سياق الحديث عن احتمال إندلاع حرب مباشرة بين البلدين، فهناك دلالات تحول دون ذلك أهمها، إدراك السعودية التي تورطت في الحرب مع اليمن تكاليفها الباهظة، فالمحللين السياسيين يرون إن اندلاع حرب مباشرة بين البلدين أمراً مستبعداً كونه لا تتوافر عناصرها الأساسية،  "التهديد والوقت والمفاجأة"، كما ترجح السعودية أن تدعم أمريكا والغرب إيران في حال اندلعت حرب مباشرة بين البلدين، فلم يحظَ قرار السعودية بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران بدعم دولي واسع، كما أنّ النصر ليس مضموناً، وبالرغم من أنّ السعودية تتلقى ضربات من إيران والعكس صحيح، يدرك البلدان أنهما لا يتمتعان بالقدرة على تدمير بعضهما البعض وتغيير النظام السائد فيهما، فضلاً عن تحكّم إيران بمضيق هرمز الذي يُعتبر بالغ الأهمية بالنسبة إلى التجارة السعودية.
 
كما حاولت السعودية في الآونة الأخيرة اللعب على جميع الحبال حتى تخرج بأكبر المكاسب، واعتقدت خاطئة أن دعم تنظيم داعش يمكن أن يجلب لها المكاسب وتستطيع من خلاله ضرب عصافير كثيرة بحجر واحد، كالتخلص من النظام السوري على أمل تحقيق إختراق في الخريطة الإستراتيجية في المنطقة، إلا أن حسابات المملكة كانت خاطئة وانقلبت الموازين، وبدأت تتذوق الإرهاب على أيدي داعش، هناك تحليلات كثيرة تحدثت أن تغير السياسة السعودية التي تأتي في زمن الحروب الإقليمية المتفرقة ضد تنظيمات إرهابية، تعبر عن شعور الرياض بخطر داعش على ضوء إعادة العديد من الدول مراجعة سياساتها حيال تطورات الملف السوري، لكن هناك يقظة متأخرة لدى الرياض بعدما تمكن تنظيم داعش في وقت قياسي من التوغل في دول المنطقة، فلم تعد القاعدة أو داعش خطراً يقتصر على سورية، بل إن الأصوات بدأت تعلو من السعودية بصورة متزايدة للتحذير من وصول الحريق السوري إلى داخل الأراضي السعودية، ويرى بعض المراقبين ان النار التي أشعلتها دول الخليج وتركيا والغرب في سورية، أخذت تمتد ألسنتها اليهم، فالسعودية اليوم بدأت تدفع ثمن موقفها المساند للمجموعات المسلحة التي تسعى الى توسيع عملياتها الإنتقامية في السعودية، التي قد تتحول الى ساحة حرب جديدة خصوصا مع وجود أعداد كبيرة من الجهاديين والمتعاطفين مع التنظيم في السعودية، لذلك  إن هذه المرحلة ستكون شاهدة على تغييرات جذرية في ملف السعودية و داعش، في إطار ذلك إن الحكومة السعودية لا تملك خياراً سوى الدخول في معركة لضرب الإرهاب وعليها أن تتعاون مع النظام السوري لضرب هذه المجموعات التكفيرية لأنّ سورية هي بوابة التصفية لمشروع داعش في المنطقة.
 
إن كل هذه المعطيات تشير الى أن الأيام المقبلة قد تحمل مفاجآت كثيرة، خصوصاً إن سيناريو التفاهم الأمريكي الإيراني قد يعود الى السطح مجدداً، ما يعني نتائج سلبية جديدة لبعض دول الاقليم في المنطقة، فالسعوديون يشعرون بالإحباط جراء عدم قدرتهم على حجب ما يرونه عودة إيران إلى الساحة الدبلوماسية والدولية، ونهج واشنطن التوافقي والتصالحي تجاه طهران، كما ينتابهم القلق من بقاء نظام الأسد في سورية، الأمر الذي يمنح إيران إنتصاراً إستراتيجياً بدلاً من الإنتكاسة التي تحاول الرياض تعزيزها وتحقيقها من خلال دعمها لمقاتلي المعارضة في سورية.
 
مجملاً... إن ثبات واستقرار هذه المنطقة رهن العلاقات الإيجابية بين كل من إيران والدول العربية وعلى الأخص الخليجية منها وان التنمية المستديمة في الدول العربية لا يمكن تحقيقها إلا من خلال علاقات متينة وإيجابية وثابتة ومستقرة مع جارتهم الكبرى إيران، ووخلاصة القول أتوقع حصول إنفراج في العلاقات الإيرانية السعودية، لأن ما يجمع هذين البلدين مصالح مشتركة، وما يهدّدهما من مخاطر مشتركة أيضاً، وبالتالي فإن هذه التطورات تشير إلى وجود نوايا للتهدئة فيما يخص المسائل والقضايا الشائكة والمعقدة بين البلدين، إلا أنها لا تحمل حلولاً نهائية لها، كما أن الفترة المقبلة ستوضح مدى فاعلية هذه التحركات، وتأثيرها على إحتمالات التقارب أو التصعيد ومع هذا الإنفراج المرتقب، ستشهد المنطقة إنفراجات متعدّدة في بعض الملفات الاقليمية والدولية.
 
Khaym1979@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد