عندما يذهب دم المواطن هدرا !!

mainThumb

12-03-2016 01:38 PM

خطبة الجمعة أمس  كانت عن الأمن والأمان وكذلك خطبة الجمعة الماضية وما سبقها والحقيقة أن الشيخ ما قصر حيث اسهب وأفرط في الحديث عن الأمن الأمان لدرجة أنه لم يتبقى إلا أن يقول مثلما قال زميل له خطب في مسجد الملك حسين بن طلال ذات يوم داعيا الناس إلى عدم الاحتجاج على ارتفاع أسعار الملابس وأن عليهم أن يلجأوا بدلا من ذلك إلى لباس التقوى. لا نقلل من شأن الأمن والأمان ونعرف تماما معنى هذا الأمن ومعنى استمراره للحياة ، ولكن لا ينبغي للدولة أن تصنع من خطباء المساجد أبواقا لترويج سياساتها ورغباتها بحجة الأمن والأمان ، فالأمن ليس فقط في منع المتفجرات والقضاء على الخلايا النائمة والمستيقظة لداعش وغيرها ، ولكن الأمن هو حفظ كرامة المواطنين وحماية ممتلكات وأعراض الناس ، وتأمين سبل العيش الكريم لهم ، ومحاربة الفقر ، وتأمين العمل لهم. ما سمعته اليوم من الشيخ كان كلاما ممجوجا وتسحيجا بواحا واستهانة بذكاء المصلين .


مقالتي هذه على كل حال ليست عن تسحيج بعض الشيوخ ولكنها عن الأمن والأمان ومدى قدرة الأجهزة الأمنية في حقن دماء المواطنين والكشف عمن أهدر دمائهم. نعم أتساءل هنا عن الأمن والأمان وماذا فعله للكشف عن جريمة بشعة شهدتها بلدة النعيمة قبل عام ونيف وذهب ضحيتها الحاج طلال الخصاونة شيخ في الثمانين من العمر تم قتله في بيته بعد صلاة العشاء ،وتم التحقيق في القضية من قبل الأجهزة الأمنية التي نحترمها ، وتم العثور على بصمات ، وتتبع أثار الجريمة والتحقيق مع شخوص محددين ،وكنا على وشك أن نشاهد تمثيلا للجريمة من قبل الجناة ثم فوجئنا بانتهاء كل شيء ولم نعد نسمع عن الجريمة وتم توزيع تركة المغدور الحاج طلال وانتهى الأمر وسط تعتيم أمني مريب حول الجريمة. وهنا نتساءل كيف يمكن لجريمة تقليدية غير غامضة أن تذهب دون الكشف عن مرتكبها أو مرتكبيها ،علما بأن الأجهزة الأمنية كشفت عن جرائم أكثر تعقيدا بعشرات المرات خلال أوقات قياسية؟ وهل هناك كما يشاع بأن بعض الشخوص من اصحاب النفوذ قد أثروا على الأجهزة الأمنية للتستر على الجناة ولحفظ القضية ؟وما مصلحة هؤلاء الشخوص في  طمس الجريمة أو التستر عليها ؟وكيف يمكن أن تقبل الأجهزة الأمنية إذا كانت هذه الفرضيات صحيحة كيف يمكن أن تقبل أن لا تكشف عن هوية المجرم أو المجرمين الذي قتلوا طلال الخصاونة وهي ذات الأجهزة التي نستمد الأمن والأمان من وجودها ،وندفع لهذه الأجهزة الأمنية من ضرائبنا لتمويل أدائها ومهامها؟ نسجل باستغراب شديد ما يشاع من أن الأجهزة الأمنية تعرفت على الجناة ولكنها لم ولن تكشف هويتهم بسبب تدخلات شخصية يمكن أن تتسبب بإحراجات اجتماعية وهنا فإننا نتساءل بألم شديد وأين هو الحق العام ؟أليس من حقي كمواطن سواء كان لي صلة أم لم يكن بالضحية أو المجرم أليس من حقي أن أعرف عن ملابسات الجريمة والقصاص من الجاني؟ وما موقف الأجهزة الأمنية من الثقة الكبيرة التي وضعها المجتمع فيها وكيف يمكن أن تحافظ على السمعة التاريخية الطيبة التي بنتها في محاربة الجريمة في المجتمع الأردني ؟؟


إن الأمن والأمان شعور لا يصنعه خطباء المساجد من السحيجة ولكن يصنعه رجال الأمن بكافة صنوفهم ومرتباتهم ودوائرهم ، يصنعونه بدمائهم وتضحياتهم وشجاعتهم في الكشف عن المجرمين ومقاومتهم. شعور الأمن والأمان صنعه ويصنعه أمثال شهيدنا راشد الزيود وزملائه الذين لم يبخلوا في الذود عن حمى وأعراض وممتلكات الناس.


دم المغدور طلال الخصاونة مثله كمثل دماء الشرطي ابراهيم الجراح والصبيحي الذين قضوا دون أن نعرف لماذا قضوا ومن الذي قتلهم وكيف تم غدرهم ولماذا لم تكشف الأجهزة الأمنية عن ملابسات قتلهم أو اختفائهم . الحاج طلال الخصاونة ذلك الشيخ الثمانيني الورع ترك تركة كبيرة تم توزيعها على الورثة علما بأن المغدور لم يكتب له رب العزة أن يكون له أبناء وبنات ليرثوه وليتابعوا قضيته ونحن كمواطنين نقول من حقنا أن نعرف قتلة الحاج طلال كما هو من حقنا أن نتأكد من محاكمتهم ونيلهم للقصاص الذي يستحقون وعندها سنشعر بأن المواطنين في النعيمة أو غيرها أنهم آمنين على حياتهم وممتلكاتهم وأعراضهم فهل يسمعنا مدير الأمن العام ومدير الأمن الوقائي ؟ من حقنا أن نسمع إجابات على تساؤلاتنا المشروعة عن مقتل مواطن بريء كان من الممكن أن يكون أي واحد منا مكانه!!!
 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد