المناضل الكبير يعقوب زيادين في الذكرى السنوية الأولى لرحيله

mainThumb

13-04-2016 08:51 AM

 في الخامس من نيسان الجاري مرت الذكرى السنوية الأولى ‏لرحيل أحد أهم وأشهر الرموز الوطنية والسياسية على الساحة ‏الأردنية والعربية انه المناضل الكبير الدكتور يعقوب زيادين ، ‏الذي كان نموذجا يحتذى به وقائدا ومفكرا ومناضلا قل نظيره ، ‏وقبل ذلك كان الطبيب الإنسان أو طبيب الفقراء كما كان يعرف ‏في الأوساط الشعبية .‏

 
إنها لحظات صعبة جدا أن نقف اليوم لنكتب عن أبا خليل ‏الراحل وهو الذي لم يرحل ، لان القيم والمبادئ التي نذر نفسه ‏للدفاع عنها ونوجزها بوطن حر كريم وشعب سعيد وعدالة ‏اجتماعية بين أبناء الوطن ، هذه المبادئ ستبقى خالدة لأنها ‏الهدف لكل شعب وأمة تحترم نفسها ، وقيمة أبا خليل أنه كان ‏نموذجا كما أسلفت يحتذى به لكل تلك القيم الرفيعة ، فهو الذي ‏عاش حلم الأممية ، وانتصار البولتاريا ونذر نفسه للدفاع عن ‏الكادحين في وطنه والعالم ، لم تهزه المتغيرات السياسية في ‏العالم وانهيار دولة العمال الأولى الاتحاد السوفيتي وهو دون ‏غيره من انتقد بشدة تصرفات بعض أعضاء السفارة السوفيتية ‏في عمان وقال عنهم حتى في موسكو وفي العلن وأمام رفاقهم ‏بأنهم غير شيوعيين وبعض تصرفاتهم تسيء للحزب والدولة ‏السوفيتية ، وأنا سمعت منه ذلك شخصيا وفي بيته العامر بأم ‏أذينه  ، كما لم يجامل فقيدنا الكبير أبا خليل على حساب المبادئ ‏والقيم التي آمن بها لأجل شعبية رخيصة وكان مثال القائد الذي ‏يصنع التاريخ .‏
 
وكان هو الصوت العاقل الوحيد في الأردن الذي وقف عام ‏‏1990م ، معارضا للاجتياح العراقي للكويت وقال أن الوحدة ‏تصنعها إرادة شعب وليس الضم القصري وقال أن العراق ‏والكويت وكل الأمة العربية ستدفع ثمن ذلك وقبل تلك الفاجعة ‏كان له موقفه الرافض من حرب الخليج الأولى بين العراق ‏وإيران أو حرب الوردتين كما وصفها الكاتب والقطب ‏الناصري فهد الريماوي في مقاله بجريدة الدستور مطلع ‏ثمانينات القرن الماضي وقال عنها فقيدنا الكبير أبا خليل بأنها ‏حرب لن يستفيد منها إلا أعداء الأمة وعملائهم في المنطقة .‏
 
التقيت بفقيدنا الكبير ولأول مرة عام 1989م ، ولم يكن اسمه ‏غريب علينا وأنا الذي أصبحت متابعا جيدا بعد انتفاضة 17 ‏نيسان المجيدة لشؤون وطني وأمتي ، وبعد ذلك زرته في ‏عيادته عندما كانت وسط البلد مقابل صيدلية الحياة مرات عديدة ‏، وبعد انضمامي للحزب أصبحت أراه باستمرار وكلما توجهت ‏للعاصمة عمان وزرته في بيته عشرات المرات وفي كل لقاء ‏كان أبا خليل يضيف شيئا جديدا في حياتي رغم أنني تركت ‏الحزب نهائيا .‏
 
لقد كان مدرسة وطنية في غاية النبل والشرف والنزاهة ، قبض ‏على جمر المبادئ في ظل تغيرات عالمية كبيرة طالت كل شيء  ‏وكما قال لي ذات مرة في خجل عندما سألته عن بيته في أم ‏أذنيه ، كانت المنطقة كلها شبه خالية عندما سكنت هنا ، وقال ‏الكثير من المقربين إليه ، لو أراد أبا خليل المال لأصبح من ‏أصحاب الملايين ولكنه ترفع عن ذلك وكان المناضل الكبير ‏والقائد والطبيب الإنسان .‏
 
سجن ولم يزده السجن الطويل إلا إصرارا على المبدأ تعرض ‏للتعذيب النفسي والجسدي وتحمل ذلك بقلب الأسد والبطل الذي ‏يؤمن بأهدافه ، عاش بالمنفى سنوات وقلبه الكبير بقى كالطائر ‏في سماء الوطن الذي كان بقلبه ووجدانه ، انتخبته القدس نائبا ‏لها  بوعي شعبنا العربي بفلسطين المدركين لمواقف الرجال  ‏والأحرار في الوقت الذي سقط من أبناء القدس من دافعوا ‏بأرواحهم عن أسوارها ، وللأسف لم يحالفه الحظ في عمان ‏بانتخابات اعترف بتزويرها حتى من اشرف عليها .‏
 
لقد تشرفت أن تحوي مكتبتي المتواضعة كل الكتب التي ‏أصدرها مناضلنا الكبير يعقوب الزيادين وباهداء شخصي منه ‏أولها( كتاب البدايات ، و ليست النهايات،  ولو عاد بي الزمن)  ‏إضافة لكتابه شهادته على العصر وهو حواره الممتد مع قناة ‏الجزيرة ، ولا أنسى التكريم الذي أقامه لي بعد خروجي من ‏السجن عام 1996 على أثر انتفاضة الخبز ، كما لا أنسى كلماته ‏وتشجيعه المستمر لي رغم ظروفه الصحية على أثر ما ‏تعرضت له أيضا من نقل وتنكيل برزقي وأولادي بعد اعتصام ‏مؤسسة المواني الذي تشرفت أن أكون أحد أبرز صناعه ‏والناطق الإعلامي باسمه  ...يا الله ما أصعب الكلمات وما أقسى ‏الكتابة عندما تكون عن رمز وقيمة وطنية وإنسانية بوزن ‏الدكتور يعقوب زيادين .‏
 
وما أذكره من نوادر أبا خليل أن صديقنا المشترك علي الزعبي ‏وقد كنا في احتفال للحزب بفندق السان روك وأثناء الاستراحة ‏أراد علي مداعبتي قليلا وقال لفقيدنا الكبير انظر لعبد الهادي ‏فهو نصفه ماركسي والنصف الآخر ناصري انه يحمل ميدالية ‏عليها صورة للزعيم جمال عبد الناصر وهذه الميدالية هدية من ‏صديق عزيز من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وتأمل أبا خليل ‏الميدالية والصورة التي عليها وأجاب أن جمال عبد الناصر قائد ‏عظيم ورمز يعتز به كل وطني غيور .‏
 
 
واليوم وما أصعب الأيام وها هو عام كامل يمر على رحيل أبا ‏خليل وسوف تتعاقب السنين ولكن سيبقى الحاضر الذي لا يغيب ‏ستبقى سيرته وما زرعه لنا من مثل أعلى حاضرة في الأذهان ‏وخالدة  في  التاريخ ، ولا شك أيضا أن الوطن سينصف أبناءه ‏المخلصين عندما يشارك الشعب في صنع مستقبل وطنه وليس ‏كما هو الحال اليوم كل شيء في وطننا مصنوع من الخارج بما ‏في ذلك الإرادة السياسية ، الحكومات تأتي بالتعيين  مجالس ‏النواب مفصله بقوانينها, السفيرة الأمريكية تتصرف وكأنها ‏مندوب سامي والعالم كله تغير  وكما قال فقيدنا الكبير في كتابه ‏البدايات معلقا على حال الوطن بعد خروجه من السجن عام ‏‏1965م أصبح كل شي بالتقسيط  .‏
 
رحم الله فقيدنا الكبير المناضل والطبيب الإنسان يعقوب زيادين ‏الذي لا أريد أن اصدق انه رحل عن عالمنا وربما انأ لا أريد أن ‏اصدق ذلك رغم الألقاب التي أصبحت تسبق اسمه كالمرحوم ‏والفقيد والراحل واشعر وكأنه في سفر ولكن الرحلة طالت أكثر ‏من اللازم  فهو كان وسيبقى مدرسه وطنيه مشرفه للجميع .‏


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد